٢ ـ النّجّارية (١)
أصحاب الحسين (٢) بن محمد النّجار ، وأكثر معتزلة الري وما حواليها على مذهبه. وهم وإن اختلفوا أصنافا إلا أنهم لم يختلفوا في المسائل التي عددناها أصولا. وهم : برغوثية (٣) وزعفرانية (٤) ومستدركة (٥). ووافقوا المعتزلة في نفي الصفات من العلم ، والقدرة ، والإرادة ، والحياة ، والسمع ، والبصر. ووافقوا الصفاتية في خلق الأعمال.
قال النجار : الباري تعالى مريد لنفسه كما هو عالم لنفسه ، فألزم عموم التعلق ، فالتزم وقال : هو مريد الخير والشر ، والنفع والضر ، وقال أيضا : معنى كونه مريدا أنه غير مستكره ولا مغلوب. وقال : هو خالق أعمال العباد ، خيرها وشرها ، حسنها وقبيحها ، والعبد مكتسب لها. وأثبت تأثيرا للقدرة الحادثة ، وسمى ذلك كسبا على حسب ما يثبته الأشعري. ووافقه أيضا في أن الاستطاعة مع الفعل. وأما في مسألة الرؤية فأنكر رؤية الله تعالى بالأبصار وأحالها ؛ غير أنه قال : يجوز أن يحوّل الله تعالى القوة التي في القلب من المعرفة إلى العين ، فيعرف الله تعالى بها فيكون ذلك رؤية ، وقال بحدوث الكلام لكنه انفرد عن المعتزلة بأشياء منها :
__________________
(١) راجع في شأن هذه الفرقة. (الفرق بين الفرق ص ٢٠٧ والتبصير ص ٦١ ومقالات الإسلاميين ١ : ٣١٥).
(٢) هو أبو عبد الله : رأس الفرقة النجارية من المعتزلة. كان حائكا ، وقيل : كان يعمل الموازين من أهل قم ، وهو من متكلّمي «المجبرة» وله مع النظام عدة مناظرات. وأكثر المعتزلة في الريّ وجهاتها من النجارية. له عدة كتب. توفي نحو سنة ٢٢٠ ه / نحو ٨٣٥ م. وقيل إن سبب موته أنه تناظر يوما مع النظام فأفحمه النظام ، فقام محموما ومات عقب ذلك ، وقد ذكر ابن النديم هذه المناظرة. (راجع فهرست ابن النديم : الفن الثالث من المقالة الخامسة واللباب ٣ : ٢١٥).
(٣) نسبة إلى محمد بن عيسى الملقب ببرغوث.
(٤) هي فرقة من النجارية ينتمون إلى رئيس لهم يقال له الزّعفراني ، ومن مذهبهم أن القرآن محدث وأن كلام الله غيره فهو مخلوق ، ويقولون مع ذلك أن القول بخلق القرآن كفر فيعتقدون المتناقض. (راجع اللباب ص ٥٠٣).
(٥) المستدركة ، قوم من الزعفرانية ، سموا بهذا الاسم لأنهم زعموا أنهم استدركوا على أسلافهم ما خفي عليهم. (راجع التبصير ص ٦٢).