رأسي. وأما السماء
فمن أم رأسي. والظفر والمعاضد فمن جبهتي ، والشمس فمن عيني ، والقمر فمن أنفي ،
والكواكب فمن لساني ، وسروس وسائر الملائكة فمن أذني ، والأرض فمن عصب رجلي. وأريت
هذا الدين أولا كيومرث فشعر به وحفظه من غير تعلم ولا مدارسة.
قال زردشت : فلما
ذا أريت هذا الدين كيومرث بالوهم؟ وألقيته إليّ بالقول؟.
قال أورمزد : لأنك
تحتاج أن تتعلم هذا الدين وتعلمه غيرك. وكيومرث لم يجد من يقبله ، فأمسك عن التكلم
، وهذا خير لك ، لأني أقول وأنت تسمع ، وأنت تقول والناس يسمعون ويقبلون.
فقال زردشت
لأورمزد : هل أريت هذا الدين أحدا قبلي غير كيومرث؟.
قال : بلى! رأيت
هذا الدين «جم» خمسين نجما مخمسا ؛ من أجل إنكاره الضحاك.
قال : إذا كنت
عالما أنه لا يقبله ، فلما ذا أريته؟ قال : لو لم أره لما صار إليك وقد أريته أيضا
أفريدون ، وكيكاوس ، وكيقباد ، وكشتاسب.
قال زردشت : خلقك
العالم ، وترويجك الدين لأي شيء؟.
قال : لأن فناء
العفريت الأثيم لا يمكن إلا بخلق العالم وترويج الدين ، ولو لم يتروج أمر الدين
لما أمكن أن تتروج أمور العالم.
فلما أخذ زردشت
الدين من أورمزد الوهاب واستحكمه وعمل به ، وزمزم في بيت أبيه عليه ، غاظ ذلك كون
الأثيم وأقلقه ؛ إذ كان شريرا ممتلئا موتا وظلمة وبلاء ومحنة ، فدعا بشياطينه ،
وأسماؤهم : بري ديوانياخ ، ودويهمان زوش ، ونومر بفنارديو ، وأمرهم جميعا بالمسير
إلى زردشت وقتله. فعلم زردشت بذلك ، فقرأ وزمزم ، وأراق الماء على يدي مارسيان ،
فانهزموا عنه مقهورين. وجرت محاربات أخرى فهزمهم زردشت بإحدى وعشرين آية من كتابه
أوستا ، وتوارت الشياطين عن الناس.