العفونة
والاستحالة ، ثم ساحت عليها النفس الأعلى ، وأفاضت عليها من أنوارها جزءا ، فحدثت
التراكيب في هذا العالم ، وحدثت السماوات والأرض ، والمركبات من المعادن والنبات
والحيوان ، والإنسان ووقعت في بلايا هذه التراكيب تارة سرورا ، وتارة غما ، وتارة
فرحا ، وتارة ترحا ، وطورا سلامة وعافية ، وطورا بلية ومحنة حتى يظهر القائم ،
ويردها إلى حال الكمال ، وتنحل التراكيب ، وتبطل المتضادات ، ويظهر الروحاني على
الجسماني ، وما ذلك القائم إلا أحمد الكيال.
ثم دل على تعيين
ذاته بأضعف ما يتصور ، وأوهى ما يقدر ، وهو أن اسم أحمد مطابق للعوالم الأربعة ،
فالألف من اسمه في مقابلة النفس الأعلى ، والحاء في مقابلة النفس الناطقة ، والميم
في مقابلة النفس الحيوانية ، والدال في مقابلة النفس الإنسانية ، قال : والعوالم
الأربعة هي المبادئ والبسائط ، وأما مكان الأماكن فلا وجود فيه البتة.
ثم أثبت في مقابلة
العوالم العلوية : العالم السفلي الجسماني ، قال : فالسماء خالية ، وهي في مقابلة
مكان الأماكن ، ودونها الهواء ، ودونه الأرض ، ودونها الماء ، وهذه الأربعة في
مقابلة العوالم الأربعة.
ثم قال : الإنسان
في مقابلة النار ، والطائر في مقابلة الهواء ، والحيوان في مقابلة الأرض ، والحوت
في مقابلة الماء وكذلك ما في معناه ، فجعل مركز الماء أسفل المراكز ، والحوت أخس
المركبات.
ثم قابل العالم
الإنساني الذي هو أحد الثلاثة ، وهو عالم الأنفس ، مع آفاق العالمين الأولين : الروحاني
والجسماني ، قال : الحواس المركبة فيه خمس :
فالسمع في مقابلة
مكان الأماكن ، إذ هو فارغ ، وفي مقابلة السماء.
والبصر في مقابلة
النفس الأعلى من الروحاني ، وفي مقابلة النار من الجسماني ، وفيه إنسان العين لأن
الإنسان مختص بالنار.