وفى حديث عمر «ليس على عربىّ ملك ، ولسنا بنازعين من يد رجل شيئا أسلم عليه ، ولكنا نقوّمهم ، المِلَّةَ على آبائهم خمسا من الإبل» المِلَّةُ (١) : الدّية ، وجمعها مِلَلٌ.
قال الأزهرى : كان أهل الجاهلية يطأون الإماء ويلدن لهم ، فكانوا ينسبون إلى آبائهم ، وهم عرب ، فرأى عمر أن يردّهم على آبائهم فيعتقون ، ويأخذ من آبائهم لمواليهم ، عن كلّ واحد خمسا من الإبل.
وقيل : أراد من سبى من العرب فى الجاهلية وأدركه الإسلام وهو عند من سباه أن يردّه حرّا إلى نسبه ، وتكون عليه قيمته لمن سباه ، خمسا من الإبل.
(س) ومنه حديث عثمان «أن أمة أتت طيّئا فأخبرتهم أنها حرّة ، فتزوّجت فولدت ، فجعل فى ولدها الْمِلَّةَ» أى يفتكّهم أبوهم من موالى أمّهم.
وكان عثمان يعطى مكان كلّ رأس رأسين ، وغيره يعطى مكان كلّ رأس رأسا ، وآخرون يعطون قيمتهم ، بالغة ما بلغت.
(ه) وفيه «قال له رجل : إنّ لى قرابات أصلهم ويقطعوننى ، وأعطيهم فيكفروننى ، فقال له : إنما تسفّهم المَلَ» المَلُ والمَلَّةُ : الرّماد الحارّ الذى يحمى ليدفن فيه الخبز لينضج ، أراد : إنما تجعل المَلَّةَ لهم سفوفا يستفّونه ، يعنى أن عطاءك إياهم حرام عليهم ، ونار فى بطونهم.
(ه) ومنه حديث أبى هريرة «كأنّما تسفّهم المَلَ».
وفيه «قال أبو هريرة : لمّا افتتحنا خيبر ، إذا أناس من يهود مجتمعون على خبزة يَمُلُّونَها» أى يجعلونها فى المَلَّةِ.
(س) وحديث كعب «أنه مرّ به رجل من جراد ، فأخذ جرادتين فمَلَّهُما» أى شواهما بالمَلَّةِ.
وفى حديث الاستسقاء «فألّف الله السّحاب ومَلَّتْنا» كذا جاء فى رواية لمسلم (٢).
__________________
(١) هذا شرح أبى الهيثم ، كما ذكر الهروى.
(٢) أخرجه مسلم فى (باب الدعاء فى الاستسقاء ، من كتاب صلاة الاستسقاء) الحديث الحادى عشر. وروايته : «ومكثنا».