والكُفْر صنفان : أحدهما الكُفْر بأصل الإيمان وهو ضدّه ، والآخر الكُفْر بفرع من فروع الإسلام ، فلا يخرج به عن أصل الإيمان.
وقيل : الكُفْر على أربعة أنحاء : كُفْر إنكار ، بألّا يعرف الله أصلا ولا يعترف به.
وكُفْر جحود ، ككفر إبليس ، يعرف الله بقلبه ولا يقرّ بلسانه.
وكُفْر عناد ، وهو أن يعترف بقلبه ويعترف بلسانه ولا يدين به ، حسدا وبغيا ، ككُفْر أبى جهل وأضرابه.
وكُفْر نفاق ، وهو أن يقرّ بلسانه ولا يعتقد بقلبه.
قال الهروى : سئل الأزهرى عمّن يقول بخلق القرآن : أتسمّيه كافِرا؟ فقال : الذى يقوله كُفْر (١) ، فأعيد عليه السّؤال ثلاثا ويقول مثل ما قال ، ثم قال فى الآخر : قد يقول المسلم كُفْراً.
(س) ومنه حديث ابن عباس «قيل له : «وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ» قال : هم كَفَرة ، وليسوا كمن كَفَر بالله واليوم الآخر».
(س) ومنه حديثه (٢) الآخر «إنّ الأوس والخزرج ذكروا ما كان منهم فى الجاهليّة ، فثار بعضهم إلى بعض بالسّيوف ، فأنزل الله تعالى «وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ» ولم يكن ذلك على الكُفر بالله ، ولكن على تغطيتهم ما كانوا عليه من الألفة والمودّة.
ومنه حديث ابن مسعود «إذا قال الرجل للرّجل : أنت لى عدوّ ، فقد كَفَرَ أحدهما بالإسلام» أراد كُفْر نعمته ، لأنّ الله ألّف بين قلوبهم فأصبحوا بنعمته إخوانا ، فمن لم يعرفها فقد كَفَرَها.
ومنه الحديث «من ترك قتل الحيّات خشية النار فقد كَفَرَ» أى كفَر النّعمة. وكذلك :
(ه) الحديث الآخر «من أتى حائضا فقد كَفَرَ».
وحديث الأنواء «إنّ الله ينزل الغيث فيصبح قوم به كافِرين ، يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا» أى كافِرين بذلك دون غيره ، حيث ينسبون المطر إلى النّوء دون الله.
__________________
(١) فى ا : «كفر».
(٢) فى الأصل : «الحديث» والمثبت من : ا.
وانظر تفسير القرطبى ٤ / ١٥٦.