كانت المعصية من العبد وحده فعليه وقع الأمر ، وإليه توجّه المدح والذم ، وهو أحقّ بالثواب والعقاب ، وجبت (١) له الجنة أو النار. فقال أبو حنيفة (ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) (٢)
ومنها : أنّه يلزم أن يكون الكافر مطيعا بكفره ؛ لأنّه قد فعل ما هو مراد الله تعالى ؛ لأنّه أراد منه الكفر. وقد فعله ، ولم يفعل الأيمان الذي كرهه الله تعالى منه ، فيكون قد أطاعه لأنّه فعل مراده ولم يفعل ما كرهه (٣).
ومنها : أنّه يلزم نسبة السفه (٤) إلى الله تعالى ؛ لأنّه أمر الكافر بالإيمان ولا يريده منه ، وينهاه عن المعصية وقد أرادها (٥) ، وكل عاقل ينسب من يأمر بما لا يريد وينهى عما يريد إلى السّفه ، تعالى الله عن ذلك.
ومنها : أنّه يلزم عدم الرضا بقضاء الله تعالى وقدره ؛ لأنّ الرضا بالكفر حرام بالإجماع ، والرضا بقضاء الله تعالى وقدره واجب ، فلو كان الكفر بقضاء الله تعالى وقدره ، وجب علينا الرضا به ، لكن لا يجوز الرضا بالكفر.
ومنها : أنّه يلزم أن نستعيذ بإبليس من الله تعالى ، ولا يحسن قوله تعالى (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ) ؛ (٦) لأنّهم نزّهوا إبليس والكافر من المعاصي ، وأضافوها إلى الله تعالى ، فيكون على المكلّفين شرا من إبليس عليهم ، تعالى الله عن ذلك.
ومنها : أنّه لا يبقى وثوق بوعد الله تعالى ووعيده ؛ لأنّهم إذا جوّزوا استناد (٧) الكذب في العالم إليه جاز أن يكذب في إخباراته كلّها ، فتنتفي فائدة بعثة الأنبياء ، بل وجاز منه إرسال
__________________
(١) في «ش ٢» : فوجبت.
(٢) آل عمران : ٣٤. وانظر هذه المحادثة في الاحتجاج للطبرسي ٢ : ٣٨٧ ـ ٣٨٨ ، وبحار الانوار ٤٨ : ١٠٦.
(٣) في «ش ٢» : بزيادة : ويكون النبيّ صلىاللهعليهوآله عاصيا ، لأنّه يأمره بالأيمان الذي لا يريده الله تعالى منه ، وينهاه عن الكفر الذي يريده منه.
(٤) في «ش ١» : السفه والحمق.
(٥) في «ش ٢» : وقد أرادها منه.
(٦) النحل : ٩٨.
(٧) في «ش ١» : اسناد.