قال أبو الهذيل العلّاف (١) : «حمار بشر أعقل من بشر ، لأنّ حمار بشر لو أتيت به إلى جدول صغير وضربته للعبور فإنّه يطفره ، ولو أتيت به (٢) إلى جدول كبير لم يطفره ، لأنّه فرّق بين ما يقدر على طفره ، وما لا يقدر عليه (٣) ، وبشر لا يفرّق بين المقدور له وغير المقدور»
ومنها : أنّه يلزم أن لا يبقى عندنا فرق بين من أحسن إلينا غاية الإحسان طول عمره ، وبين من أساء إلينا غاية الإساءة طول عمره ، ولم يحسن منّا شكر الأوّل وذمّ الثاني ؛ لأنّ الفعلين صادران من الله تعالى عندهم.
ومنها : التقسيم الّذي ذكره مولانا وسيّدنا موسى بن جعفر الكاظم عليهالسلام وقد سأله أبو حنيفة وهو صبي ، فقال : المعصية ممّن؟ فقال الكاظم عليهالسلام : (المعصية إمّا من العبد أو من ربّه أو منهما ، فإن كانت من الله تعالى فهو أعدل (٤) وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله ، وإن كانت المعصية منهما فهو شريكه (٥) ، والقويّ أولى بإنصاف عبده الضعيف ، وإن
__________________
(١) محمد بن الهذيل بن عبد الله بن مكحول البصري شيخ البصريّين في الاعتزال ومن أكبر علمائهم ، وصاحب المقالات في مذهبهم. كان معاصرا لأبي الحسن الميثمي المتكلّم الإمامي. حكي أنّه سأل أبو الحسن أبا الهذيل فقال : ألست تعلم أنّ إبليس ينهى عن الخير كلّه ويأمر بالشرّ كلّه؟
قال : بلى.
قال : فيجوز أن يأمر بالشرّ كلّه وهو لا يعرفه ، وينهى عن الخير كلّه وهو لا يعرفه؟
قال : لا.
فقال له أبو الحسن : قد ثبت أنّ إبليس يعلم الشرّ كلّه والخير كلّه. قال أبو الهذيل : أجلّ.
قال : فأخبرني عن إمامك الذي تأتمّ به بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله هل يعلم الخير كلّه والشرّ كلّه؟
قال : لا.
قال له : فإبليس أعلم من إمامك إذا.
فانقطع أبو الهذيل.
عن «الكنى والألقاب» للمحدّث القمّي ١ : ١٧٠.
(٢) في «ش ١» : ولو بلغ.
(٣) في «ش ٢» : ما يقدر عليه وما لا يقدر.
(٤) العبارة بين القوسين ساقطة من «ش ١».
(٥) في «ش ٢» : فهو شريكه فقط.