ومنها : أنّه يلزم أن لا يتمكّن أحد من تصديق أحد من الأنبياء عليهمالسلام ؛ لأن التوصّل إلى ذلك والدليل عليه إنّما يتمّ بمقدّمتين : إحداهما : أنّ الله تعالى فعل المعجز على يد النبي لأجل التصديق. والثانية : أنّ كل ما صدّقه الله تعالى فهو صادق ، وكلتا المقدّمتين لا تتم على قولهم ؛ لأنّه إذا استحال أن يفعل لغرض ، استحال أن يظهر المعجز لأجل التصديق ، وإذا كان فاعلا للقبيح ، ولأنواع الإضلال والمعاصي والكذب وغير ذلك ، جاز أن يصدّق الكذاب فلا يصحّ الاستدلال على صدق أحد من الأنبياء ، ولا التديّن بشيء من الشرائع والأديان.
ومنها : أنّه لا يصحّ أن يوصف الله تعالى بأنّه غفور رحيم حليم عفوّ (١) لأنّ الوصف بهذه إنّما يثبت لو كان الله تعالى مسقطا (٢) للعقاب في حقّ الفسّاق ، بحيث إذا أسقطه عنهم كان غفورا عفوّا رحيما (٣) ، وإنّما يستحق العقاب لو كان العصيان من العبد لا من الله تعالى.
ومنها : أنّه يلزم منه (٤) تكليف ما لا يطاق ؛ لأنّه يكلف الكافر بالإيمان (ولا قدرة له عليه ، وهو قبيح عقلا ، والسمع قد منع منه ، فقال) (٥) : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٦)
ومنها : أنّه يلزم منه أن يكون أفعالنا الاختياريّة الواقعة بحسب قصودنا ودواعينا ، مثل حركتنا يمنة ويسرة ، وحركة البطش باليد والرجل في الصنائع المطلوبة لنا ، كالأفعال الاضطرارية ، مثل حركة النبض وحركة الواقع من شاهق بإيقاع غيره ، لكنّ الضرورة قاضية بالفرق بينهما ؛ أنّ كل عاقل يحكم بأنّا قادرون على الحركات الاختيارية ، وغير قادرين على الحركة إلى السماء.
__________________
(١) في «ش ٢» : غفور حليم.
(٢) في «ش ١» : مستحقّا ؛ وهو تصحيف.
(٣) في «ش ١» : غفورا رحيما.
(٤) ليس في «ش ٢».
(٥) في «ش ١» : ولم يخلق قدرة الإيمان عليه ، فكيف يؤمن عليه تعالى ، وذلك أمر بلا طاقة قبيح عقلا وشرعا ، مع انّه تعالى قال :
(٦) البقرة : ٢٨٦.