ذلك ، وله شعر قطط ، (حتى قالوا : اشتكت) (١) عيناه فعادته الملائكة ، وبكى على طوفان نوح حتى رمدت عيناه ، وأنّه يفضل من العرش عنه من كلّ جانب أربع أصابع. (٢)
وذهب بعضهم إلى أنّه تعالى ينزل في كلّ ليلة جمعة (٣) على شكل أمرد حسن الوجه راكبا على حمار ، حتى أنّ بعضهم ببغداد وضع على سطح داره معلفا ، يضع كلّ ليلة جمعة فيه شعيرا وتبنا ؛ لتجويز أن ينزل الله تعالى على حماره على ذلك السطح ، فيشتغل الحمار بالأكل ، ويشتغل الربّ بالنداء «هل من تائب» ، هل من مستغفر (٤)؟ تعالى الله عن مثل هذه العقائد الرديّة (٥) في حق الله تعالى.
وحكي عن بعض المنقطعين التاركين (الدنيا) (٦) من شيوخ الحشوية ، أنه اجتاز عليه في بعض الأيّام نفّاط ومعه أمرد حسن الصورة ، قطط الشعر ـ على الصفات التي يصفون ربّهم بها ـ فألحّ الشيخ في النظر إليه وكرّره ، وأكثر تصويبه إليه ، فتوهّم فيه النّفاط ، فجاء إليه ليلا ، وقال : أيّها الشيخ ، رأيتك تلح بالنظر إلى هذا الغلام ، وقد أتيت به إليك ، فإن كان لك فيه نيّة (٧) فانت الحاكم ، فحرد (٨) عليه ، وقال : إنّما كرّرت النظر إليه لأنّ مذهبي أنّ الله تعالى ينزل على صورة هذا الغلام ، فتوهّمت أنّه الله ، فقال له النفّاط : ما أنا عليه من النفاطة أجود مما أنت عليه من الزهد مع هذه المقالة.
وقالت الكراميّة : أنّ الله تعالى في جهة فوق ، ولم يعلموا أنّ كل ما هو في جهة فهو محدث ،
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من «ش ١».
(٢) الملل والنحل ١ : ١٤٩.
(٣) في «ش ١» و«ش ٢» : الجمعة.
(٤) الملل والنحل ١ : ١٥٣ ـ ١٥٤.
(٥) في «ش ١» : الدنيّة.
(٦) وردت في «ش ١» فقط.
(٧) في «ش ٢» : حاجة أو نيّة.
(٨) أي غضب.