على الشيء الواحد محال في العرف والعادة ، ولو سلّمنا في صورة لكن لا نسلّمه في كلّ صورة ، فإنّ اجتماعهم على إزالة ملك الأرض الذي قد خضعت له الرقاب ورغبت فيه طوائف من الأصدقاء وأحاطت به الغلمان ، أصعب وأعزّ من اجتماعهم على دفع منكر لا مخافة في دفعه.
الثاني : أنّه وإن أمكن ذلك في حقّ الإمام على سبيل الندور في بعض المعاصي ، لكن لا يكفي ذلك في منع الإمام عن جميع المعاصي واجتماعهم على دفعه عند كلّ معصية (١) محال.
الثالث : أنّا نعلم أنّ كلّ واحد من الرعية يخالف غيره لا يوافقه على المخالفة على الإمام قتله ، فيكون خلافه سببا لقتله (٢) وإذا كان ذلك حاصلا لكل واحد من آحاد الامّة لم يتحقّق المجموع على الاتفاق ، وبالله التوفيق.
احتجّ الخصم بأنّه لو وجب نصب الإمام المعصوم على الله لفعله ، ولو فعله لكان ظاهرا ، لأنّا نعلم بالضرورة أنّ هذا المقصود لا يحصل إلّا إذا كان ظاهرا متمكنّا من الترغيب والترهيب ، فأمّا إذا كان مستخفيا عن الخلق لم يحصل منه البتة شيء من المنافع.
والجواب : أنّ اللطف الحاصل لانبساط يده ذو أجزاء ثلاثة ، جزء يجب على الله فعله ، وهو إيجاد الإمام المعصوم بجميع شرائط الإمامة ، والثاني يجب على الإمام نفسه ، وهو تحمل أعباء الإمامة والقيام بامورها ، والثالث يجب على سائر المكلفين ، وهو تمكينه والانقياد تحت أوامر أقلامه.
ثمّ إنّ الماهية المركبة لا تحصل إلّا بتمام أجزائها ، والجزء الفائت من اللطف
__________________
(١) في الأصلين : مصيبة ، وهو غير مصيب.
(٢) كذا في الأصلين.