أنّ الحقّ في جهة ، وذلك ممنوع ، فلم لا يجوز أن يكون كلّ مجتهد مصيبا؟! وحينئذ يجوز أن يخالفه العلماء ويكونوا مصيبين وإن كان هو أيضا مصيبا.
سلّمنا أنّه تجب متابعته بمجرد قوله فلم قلتم إنّ كلّ من كان كذلك وجب أن يكون معصوما؟
قوله : «لو جاز عليه الخطأ فبتقدير أن يأتي به نكون مأمورين باتباعه فيه فنكون مأمورين بفعل الخطأ وإنّه غير جائز».
قلت : هذا معارض بامور :
أحدها : أنّه تجب على الرعية متابعة القاضي والأمير بمجرد قولهما ، مع أنّه لا تجب عصمتهما.
وليس لقائل أن يقول : أنّ الإمام من وراء القاضي والأمير فيكون آخذا على أيديهما ومقوّما لزيغهما.
لأنّا نقول : هذا متصوّر في أمير قريب الدار من الإمام بحيث يمكنه تدارك ما يهمّ من سفك الدماء وإباحة الفرج الحرام ، فما القول في أمير يبعد عن الإمام بألف فرسخ (١) فإنّه يجب على الرعية الانقياد لقبول قوله ، مع أنّ الإمام غير منتفع به في حقّ مثل هذا الأمير عند تفريطه. وهب أنّ الإمام يدارك ذلك في ثاني الحال ولكن كيف ما كان فإنّه يجب على الرعية (٢) الانقياد للأمير الظالم في تلك الحال ، وأيضا فأيّ نفع للمقتول ظلما والموطوءة حراما في تدارك الإمام بعد ذلك.
وثانيها : أنّ المفتي من الشيعة يجب متابعة قوله مع أنّه ليس بمعصوم.
__________________
(١) فرسخ : معرّب عن الفارسية : فراسنگ ، بعد ما بين الحجرين المنصوبين في الطريق علامة. والفرسخ يعادل : خمس كيلومترات ونصف كيلومتر تقريبا.
(٢) في النسختين : للرعية.