«وبعد ... فلمّا كان من تمام نعم الله عليّ وكمال إحسانه إليّ : اتّصالي بخدمة حضرة من تجلّت بنجوم كرمه وجوه المكارم ... مولى ملوك العرب والعجم صاحب ديوان ممالك العالم : علاء الحقّ والدين ، غياث الإسلام والمسلمين : عطا ملك ـ بن الصاحب المعظّم السعيد الشهيد : بهاء الدنيا والدين محمد الجويني ـ ... وجعل دأبه الكريم ... والتأسّف لقطع وقته بما عداها (نهج البلاغة والأحاديث الصحاح والأخبار) : ككتاب اليميني (م ٤٢٧) و (مقامات الحريري) وسائر منشور كلام العرب ... ثمّ استدرك الفارط منها لكرامتها لديه ، فألزم بملازمتها والتمسّك بها ولديه : الأميرين الكبيرين المعظّمين ، العالمين الفاضلين الكاملين : جلالي الدولة وعضدي الملّة : نظام الدنيا والدين أبا منصور محمد ، ومظفّر الدنيا والدين أبا العباس عليا. فندبهما إلى حفظ فصوصها ، وحرّضهما على اقتباس أنوار نصوصها ، وأشغل بها من لاذ بخدمتهما من البطانة والأتباع ، وقصد بذلك إحياء ميّت السنّة وعموم الانتفاع. ورأيت تشوّق خاطره المحروس إلى شرح كتاب (نهج البلاغة). فخدمت مجلسه العالي بشرح مناسب لهمّته ... فكبر لذلك حجمه ... فأشار عليّ أن ألخّص منه مختصرا جامعا لزبد فصوله ، خاليا من زيادة القول وطوله ، ليكون تذكرة لولديه ... فيسهل عليهما ضبط فوائده ، والوقوف على غاياته ومقاصده ، وعلى من عساه يحذو حذوهما في اقتناء الفضائل ... فبادرت إلى امتثال أمر العالي بالسمع والطاعة ، وبذلت في تهذيبه وتنقيحه جهد الاستطاعة» (١). وقال في نهاية الكتاب : «هذا اختيار مصباح السالكين ، لنهج البلاغة من كلام مولانا وإمامنا أمير المؤمنين ... وفرغ من اختصاره أفقر عباد الله تعالى ميثم بن علي بن ميثم البحراني عفا الله عنه ، في
__________________
(١) اختيار مصباح السالكين ، مقدّمة المؤلّف : ٤٥ ـ ٤٨ ، طبعة مشهد.