فهو معارض بقوله صلىاللهعليهوآله «علي خير البشر فمن أبى فقد كفر» (١) وأيضا لو صحّ هذا الخبر لكان مكذّبا لرسول الله صلىاللهعليهوآله في قوله «ولّيتكم ولست بخيركم» (٢) وذلك يستلزم سقوطه عن درجة الاعتبار في الإمامة.
وعن الثامنة : فلا نسلّم أنّ النبي صلىاللهعليهوآله استخلفه في الصلاة ، فإنّ الذي صحّ وثبت أنّ عائشة قالت : مروا أبا بكر يصلّي بالناس (٣) وكان الأمر بذلك من جهتها في ظاهر الحال ، والخصم يقول : إنّما أمر بذلك النبي صلىاللهعليهوآله ولم تثبت لهم هذه الدعوى بحجّة.
ويدلّ على اختصاص ذلك الأمر بعائشة قول النبي صلىاللهعليهوآله عند إفاقته من عشيّته وقد سمع صوت أبي بكر في المحراب «إنّكنّ لصويحبات يوسف» (٤) ومبادرته معجّلا معتمدا على أمير المؤمنين عليهالسلام والفضل بن العباس رحمهالله ورجلاه يخطّان في الأرض من الضعف ، حتّى نحّى أبا بكر عن المحراب ، ولو كان صلىاللهعليهوآله هو الذي أمر بالصلاة لما رجع باللوم على أزواجه في ذلك ولا بادر في تلك الحال الصعبة حتّى صرفه عن الصلاة.
سلّمناه ، لكنّ أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله لا يقتضي شيئا آخر ، بل لا يقتضي مرّة اخرى ، لأنّ الأمر لا يقتضي التكرار. وأيضا فمثل هذا الأمر لا يستدعي العزل لأنّ العرب لا تحتاج إليه لو ثبت أن الاستخلاف دائما ، والخصم يعترف بأنّه لم يولّه
__________________
(١) مرّت مصادره قبل هذا.
(٢) انظر سيرة ابن هشام ٤ : ٣١١ ، وعنه في الطبري ٣ : ٢١٠ ، وفي الإمامة والسياسة ١ : ١٦ ، وشرح النهج للمعتزلي ١ ، ١٣٤ ، وتأريخ الخلفاء : ٨٢ طبعة بيروت.
(٣) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ٦ : ٤٤.
(٤) شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد ٩ : ١٩٧.