أبي بكر ، لأنّ من كان مؤمنا مدّة عمره فلا بدّ وأن يكون أكثر تقوى ممّن كان أكثر عمره كافرا ثمّ صار مؤمنا. والأتقى أفضل ؛ لقوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) (١).
الحادي والعشرون : روى أحمد البيهقي في «فضائل الصحابة» أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : «من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه ، وإلى نوح في تقواه ، وإلى إبراهيم في خلّته ، وإلى موسى في هيبته ، وإلى عيسى في عبادته ، فلينظر إلى عليّ ابن أبي طالب» (٢) فثبت بهذا الحديث أنّ عليا عليهالسلام كان مساويا لهؤلاء الأنبياء في هذه الخصال التي هي جماع (٣) المكارم ، ولا نزاع في أنّ هؤلاء كانوا أفضل من أبي بكر وسائر الصحابة ، والمساوي للأفضل لا بدّ وأن يكون أفضل.
الثاني والعشرون : أنّ الفضائل إمّا نفسانية ، أو بدنية ، أو خارجية عنهما. أمّا النفسانية فإمّا علمية أو عملية.
أمّا العلمية فقد بيّنا أنّه عليهالسلام كان أعلم الصحابة ويؤيّد ذلك وجوه (٤) :
الأوّل : قول النبي صلىاللهعليهوآله : «أنا مدينة العلم وعلي بابها» (٥) ولا شكّ أنّ العلوم إنّما تخرج من تلك المدينة إلى الخلق من قبل ذلك الباب ، وقد فصّلنا انتهاء مبادي العلوم إليه في حقّه عليهالسلام تصديقا لهذا الخبر.
الثاني : قوله عليهالسلام : «علّمني رسول الله صلىاللهعليهوآله ألف باب من العلم فانفتح لي
__________________
(١) الحجرات : ١٣.
(٢) انظر إحقاق الحقّ ٤ : ٣٨٩ ـ ٤٠٥.
(٣) الجماع بالضمّ : المجمع ، أو الجامع ، وبالكسر : النكاح.
(٤) في النسختين : وجهان ، وما أثبتناه هو الصواب.
(٥) انظر كتاب فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي. لابن الصديق الحسني المغربي ، طبعة طهران. وراجع تلخيص الشافي ٢ : ٢٨١ ، والفصول المائة ٢ : ٥٠٩ ـ ٥٢٠.