قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

شرح المقاصد [ ج ٥ ]

319/323
*

الجهل والعناد والشر والفساد. وهذا لا ينافي خيرية القرون الأولى ومن يليهم بكثرة الطاعات والعبادات ، وصفاء العقائد ، وخلوص النيات ، وقرب العهد بالنبي (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) وأصحابه ، ونحو ذلك على ما قال (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) : «خير القرون القرن الذي أنا فيهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ، ثم يفشو الكذب» (١).

فإن قيل : في أحاديث قرب الساعة ما يشعر بأنها تقوم قريبا ، كقوله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) : «بعثت أنا والساعة كهاتين» (٢) يعني السبابة والوسطى. بل على أنها تكون قبل مائة سنة ، كقوله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) : «يسألونني عن الساعة ، وإنما علمها عند الله ، وأقسم بالله ما على الأرض من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنه». وكقوله (صلى‌الله‌عليه‌وسلم) : «لا يأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة» وها نحن اليوم شارفنا ثمان مائة سنة ، ولم يظهر شيء من تلك العلامات.

قلنا : المراد أن قرب الساعة من مستقبل الزمان بالإضافة إلى ما مضى كقرب ما بين الإصبعين ، أو كفضل الوسطى على السبابة. وحديث مائة سنة إنما هو في القيامة الصغرى المشار إليها بقوله (عليه‌السلام) : «من مات فقد قامت قيامته» ، وقوله لجمع من الأعراب سألوه عن الساعة ، وقد أشار الى أصغرهم : «إن يعش هذا لا يدركه الهرم حتى يقوم عليكم ساعتكم» (٣) وإنما الكلام في القيامة الكبرى التي هي

__________________

(١) الحديث رواه الترمذي في كتاب الفتن ٤٥ باب ما جاء في القرن الثالث ٢٢٢٢ ـ بسنده عن عمران ابن حصين قال : قال رسول الله ـ وذكره. وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ورواه البخاري في الشهادات ٩ وفضائل أصحاب النبي وابن ماجه في الأحكام ٢٧ ، وأحمد بن حنبل ١ : ٣٧٨ ، ٤١٧ (حلبى).

(٢) رواية الإمام البخاري في كتاب الرقاق ٣٩ ، والطلاق ٢٥ وتفسير سورة ٧٩ ، ورواه الإمام مسلم في الجمعة ٤٣ ، ١٣ باب تخفيف الصلاة والخطبة ٤٣ (٨٦٧) ـ بسنده عن جابر بن عبد الله قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وذكره. ورواه أيضا في الفتن ١٣٢ ـ ١٣٥ ورواه ابن ماجه في المقدمة ٧ باب اجتناب البدع والجدل ٤٥ بسنده عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وذكره ..

(٣) الحديث رواه الإمام مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة ٢٧ باب قرب الساعة ١٣٦ (٢٩٥٢) بسنده عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت : كان الأعراب إذا قدموا على رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ سألوه عن الساعة متى الساعة. فنظر إلى أحدث إنسان منهم : وذكره.