استدلال على إمامة علي (رضي الله تعالى عنه) بالقدح في إمامة الآخرين ، وتقريره أنه لا نزاع في وجود إمام بعد النبي (صلىاللهعليهوسلم) وغير علي من الجماعة الموسومين بذلك لا يصلح لذلك. أما إجمالا فلظلمهم لسبق كفرهم ، لقوله تعالى : (وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(١)
والظالم لا يكون إماما لقوله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (٢)
والجواب منع المقدمتين ومنع دلالة الآية على كون من كان كافرا ثم أسلم ظالما ، ومنع كون المراد بالعهد هو الإمامة ، وأما تفصيلا فمما يقدح في إمامة أبي بكر (رضي الله تعالى عنه) أنه خالف كتاب الله تعالى في منع إرث النبي بخبر رواه : وهو : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة (٣).
وتخصيص الكتاب إنما يجوز بالخبر المتواتر دون الآحاد.
والجواب أن خبر الواحد ، وإن كان ظني المتن قد يكون قطعي الدلالة ، فيخصص به عام الكتاب لكونه ظني الدلالة ، وإن كان قطعي المتن جمعا بين الدليلين ، وتمام تحقيق ذلك في (٤) أصول الفقه. على أن الخبر المسموع من فم رسول الله (صلىاللهعليهوسلم) إن لم يكن فوق المتواتر ، فلا خفاء في كونه بمنزلته. فيجوز للسامع المجتهد أن يخصص به عام الكتاب. ومنها أنه منع فاطمة (رضي الله تعالى عنها) فدك وهي قرية بخيبر مع أنها ادعت أن النبي (صلىاللهعليهوسلم) قد نحلها إياها ، ووهبها منها ، وشهد بذلك علي (رضي الله عنه) ، وأم أيمن ، فلم يصدقهم ، وصدق أزواج النبي (صلىاللهعليهوسلم) في ادعاء الحجرة لهن من غير شاهد. ومثل هذا الجور والميل لا يليق بالإمام. ولهذا رد عمر بن عبد العزيز (٥) من المروانية فدك إلى أولاد فاطمة (رضي الله تعالى عنها).
__________________
(١) سورة البقرة آية رقم ٢٥٤.
(٢) سورة البقرة آية رقم ١٢٤.
(٣) الحديث رواه الإمام أحمد في المسند ٢ : ٤٦٣ ـ حدثنا وكيع قال : حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : وذكره وفيه زيادة (ما تركت بعد مئونة عاملي ونفقة نسائي صدقة).
(٤) في (ب) بزيادة لفظ (كتب).
(٥) هو عمر بن العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي أبو حفص الخليفة الصالح ، والملك العادل ، وربما قيل له خامس الخلفاء الراشدين تشبيها له بهم ، وهو من ملوك الدولة المروانية ولد ـ