التصديق ، كما إذا
ادعى أحد أنه رسول هذا الملك فطولب بالحجة ، فقال : أن يخالف الملك عادته ويقوم عن
سريره ثلاث مرات. ففعل. وهذا توضيح بالمثال لاستدلال بقياس الغائب على الشاهد. فإن
قيل : هاهنا أنواع احتمالات لا يثبت معها المقصود ..
الأول أن يستند ذلك الأمر إلى المدعي لخاصية في نفسه ، أو مزاج في بدنه ،
أو اطلاع منه على بعض الخواص ، أو الأوضاع الفلكية ، أو إلى ملك أو جني ، أو غير ذلك.
الثاني : أن يكون ابتداء عادة أو تكريرا بما لا يكون إلا بعد دهور ..
الثالث : أن يكون مما يعارض ، ولم يعارض لغرض ، أو عورض ولم ينقل لمانع.
الرابع : أن لا يكون لغرض التصديق ، إما لانتفاء الغرض ، أو لثبوت غرض آخر ،
كلطف المكلف ، أو إجابة لدعوة ، أو معجزة لنبي آخر ، أو ابتلاء للعباد
، أو إضلال لهم ، ويعد كونه بمنزلة صريح القول بأنك صادق ، فإنما يفيد إذا استحال
الكذب في إخباره ، وما ذلك إلا بالسمع.
فالجواب إجمالا أن
الاحتمالات العقلية لا تنافي حصول العلم القطعي كما في سائر العاديات ، وتفصيلا :
أولا بأنا بينا أن لا مؤثر سيما في مثل هذه الغرائب إلا الله تعالى على أن مجرد
التمكين كاف في إفادة المطلوب.
وثانيا : بأن الكلام فيما علم قطعا أنه خارق للعادة ، وأن المتحدين عجزوا عن
معارضته مع فرط الاهتمام ، وكمال الاشتغال. ولهذا كانت معجزة كل نبي من جنس ما غلب
على أهل زمانه ، كالسحر في زمن موسى (عليهالسلام) ، والطب
__________________