في زمن عيسى (١) (عليهالسلام) ، والموسيقى في زمن داود (عليهالسلام) ، والفصاحة في زمن محمد (صلىاللهعليهوسلم).
وثالثا : أنه لا خفاء في ترتب الغايات على أفعاله ، وإن لم تكن أغراضا على أنا لا ندعي سوى أنها تدل على تصديق قائم بذاته ، سواء كان غرضا أم لم يكن.
ورابعا : أن ظهور المعجزة على يد الكاذب وإن جاز عقلا ، فمعلوم الانتفاء قطعا. ومنا من قال باستحالته لإفضائه إلى التعجيز عن الأدلة على صدق دعوى الرسالة ، أو لأن الصدق لازم لها بمنزلة العلم لإيقان الفعل ، أو لأن التسوية بين الصادق والكاذب سفه.
وخامسا : أنها تفيد العلم بالصدق من غير افتقار إلى اعتبار إخبار من الله بمنزلة أن يقول : «جعلتك رسولا ، وأنشأت الرسالة فيك»).
قدح بعض المنكرين للنبوة في المعجزات بأن تجويز خوارق العادات سفسطة ، إذ لو جازت ، لجاز أن ينقلب الجبل ذهبا والبحر دهنا ، والمدعي للنبوة شخصا آخر ، عليه ظهرت المعجزة إلى غير ذلك من المحالات ، وبعضهم بأنها على تقدير ثبوتها لا تثبت على الغائبين لأن أقوى طرق نقلها التواتر ، وهو لا يفيد اليقين ، لأن جواز الكذب على كل أحد يوجب جوازه على الكل ، لكونه نفس الآحاد ، ولأنه لو أفاده لأفاده خبر الواحد ، لأن كل طبقة يفرض عدد التواتر ، فعند نقصان واحد منه إن بقيت مفيدة لليقين ، وهكذا إلى الواحد ، فظاهر. وإن لم تبق كان المفيد هو ذلك الواحد الزائد. ولأنه غير مضبوط بعدد ، بل ضابطه حصول اليقين ، فإثبات اليقين به يكون دورا.
والجواب عن الأول أن المراد بخوارق العادات أمور ممكنة في نفسها ، ممتنعة في العادة. بمعنى أنها لم يجر العادة بوقوعها كانقلاب العصا حية ، فإمكانها ضروري ، وإبداعها ليس أبعد من إبداع خلق الأرض والسماء وما بينهما ، والجزم
__________________
(١) قال تعالى على لسان عيسى عليهالسلام : (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ) آل عمران آية ٤٩