إلى الوجود يعقل بينهما نسبة هي الإمكان ، وهذا المعنى كاف في الاحتياج إلى الفاعل.
وقد يجاب : بأنه لو لم تكن البسيطة مجعولة لم تكن المركبة مجعولة ، لأنه إذا تقرر في الخارج جميع بسائط المركب حتى الجزء الصوري من غير جاعل ، تقرر المركب ضرورة (١). لا يقال : يجوز أن يكون لكل جزء تقرر ، ويتوقف تقرر المركب على تقرر المجموع ، كما سبق في مجموع التصورات ، وتصور المجموع. لأنا نقول الفرق بين مجموع التقررات ، وتقرر المجموع بحسب الخارج غير معقول ، وإنما ذلك بحسب العقل ، بأن يتعلق بالأمور المتعددة تارة تصورات متعددة ، وتارة تصور واحد من غير ملاحظة التفاصيل.
الثاني : أن الفاعل لا بد أن يؤثر في الماهية ، ويجعلها تلك الماهية الخارج حتى يتحقق الوجود. لأن ذات المعلول عند افنائها (٢) الوجود من الفاعل ، لا يجوز أن تكون حاصلة في الخارج بكمالها. بل لا بد أن يبقى (٣) شيء منها يحصله الفاعل ، ولو هيئة اجتماعية ، وإلا لكان المعلول متحققا. سواء تحقق الفاعل أو لا ، فلا يكون للفاعل تأثير فيه ، ولا له احتياج إلى الفاعل.
الثالث : أنه لا تقرر للماهية في الخارج بذاتها ، لما سبق في بحث العدم ، فيكون بالفاعل ضرورة ، ولا معنى لمجعولية الماهية سوى هذا.
والجواب عن الأول : أن معنى احتياج الممكن. أن وجوده ليس من ذاته ، بل من الفاعل.
وعن الثاني : أنه لا يدل إلا على أن ماهية المعلول لا تكون حاصلة متحققة بدون الفاعل ، والحصول والتحقق هو الوجود ، وهذا لا ينافي كونها متقررة في نفعها من غير احتياج لها وإلى (٤) الفاعل ولا تأثير له فيها.
__________________
(١) في (ب) ضروري بدلا من (ضرورة).
(٢) في (ب) (ذات الوجود عند اكتسابها).
(٣) في (ب) يكون بدلا من (يبقى).
(٤) سقط من (أ) حرف الجر (إلى).