الحالة السياسية
جاء القرن الثامن الهجري ، وجروح العالم الإسلامي لم تلتئم بعد ، نتيجة لما أحدثه المغول في رقعة البلاد الإسلامية ، من تخريب وتشريد وقتل ، واستمر الوضع على ذلك فترة ليست بالقصيرة ، حتى أراد الله سبحانه وتعالى بالمسلمين خيرا ، فدخل في دين الله أفواجا مغول روسيا والتركستان ، وكان هذا تحولا جديدا في قوة المسلمين في ذلك القرن. فقد نشطت الدولة العثمانية سياسيا وعسكريا ، وامتدت سيطرتها على كثير من البلاد الإسلامية ، واتخذت من مدينة الأناضول قاعدة لها ، واستطاعت الجيوش الإسلامية أن تضيف إقليما جديدا إلى رقعة البلاد هو شبه جزيرة البلقان ، كما استطاع جيش الخلافة أن يوجه ضربات موجعة للجيش الصليبي ، الذي سيره الغرب تباعا للاستيلاء على بيت المقدس ، والذي هزم في النهاية عن طريق القائد المظفر صلاح الدين الأيوبي. (١)
وما كادت الغيوم تنقشع عن سماء الأمة الإسلامية ، وسحب الأحزان تتوارى حتى ظهر في نهاية هذا القرن رجل يسمى (تيمور لنك) من طلاب الملك والسلطة ، وخلفه جيش لا تغيب عنه الشمس ، من مسلمي بلاد ما وراء النهر. وفي فترة وجيزة ، استطاع أن يقيم لنفسه ملكا ، امتد من الصين إلى روسيا ، واكتسح أمامه بلاد فارس والجزيرة من غير أن يقف في طريقه شيء ، وأنزل بأرواح المسلمين وأملاكهم الكثير من الدمار والخراب ، واستطاع في فترة
__________________
(١) راجع البداية والنهاية لابن كثير. ج ١٣ ص ٣٤٢ ، وتاريخ مصر لابن إياس ج ١ ص ١٣٣.