المبحث الثالث
في شرائط النظر
(قال : المبحث الثالث : يشترط لمطلق (١) النظر صحيحا كان أو فاسدا (٢) ـ بعد شرائط العلم ـ عدم الجزم بالمطلوب أو بنقيضه إذ لا طلب مع ذلك وتعد الأدلة إنما هو لزيادة الاطمئنان أو التحصيل استعداد القبول في المتعلم بالإجماع أو في كل متعلم بدليل اخر.
وقال الإمام : المطلوب بالدليل الثاني في كونه دليلا وهو غير معلوم ، ويشترط للنظر الصحيح أن يكون في الدليل دون الشبهة ومن جهة دلالته دون غيرها ، وهي الأمر الذي بواسطته ينتقل الذهن من الدليل إلى المدلول ، كإمكان (٣) العالم أو حدوثه لثبوت الصانع ، فالعالم هو الدليل وثبوت الصانع هو المدلول ، وكونه بحيث يفيد النظر فيه العلم بثبوت الصانع هو الدلالة ، وإمكانه وحدوثه هو جهة الدلالة ، وهذه الأمور متغايرة فتتغاير العلوم المتعلقة بها إلا أن
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (المطلق).
(٢) سقط من (أ) (صحيحا كان أو فاسدا).
(٣) قال ابن سينا : والإمكان إما أن يعنى به ما يلازم سلب ضرورة العدم وهو الامتناع ، وإما أن يعنى به ما يلازم سلب الضرورة في العدم والوجود جميعا.
(راجع الإشارات ٣٤).
والإمكان عبارة عن كون الماهية بحيث تتساوى نسبة الوجود والعدم إليها عبارة عن التساوي نفسه على اختلاف العبارتين. فيكون صفة الماهية حقيقة من حيث هي (كليات أبي البقاء) وهذا المعنى الأخير قريب من المعنى الذي ذهب إليه المحدثون في قولهم : الإمكان هو صفة للمكان الموضوعي أو الخارجي.