وإنما الاختلاف في الماهية فالوجود معنى (١) زائد على الماهية في الواجب والممكن جميعا ، وعند الفلاسفة وجود الواجب مخالف لوجود الممكن في الحقيقة واشتراكهما في مفهوم الكون اشتراك معروضين في لازم خارجي غير مقوم ، وهو في الممكن زائد على الماهية عقلا ، وفي الواجب نفس الماهية ، بمعنى أنه لا ماهية للواجب سوى الوجود الخاص المجرد عن مقارنة الماهية ، بخلاف الإنسان فإن له ماهية هو الحيوان الناطق ، ووجودا هو الكون في الأعيان ، فوقع البحث في ثلاثة مقامات (٢). الأول : أنه مشترك معنى. الثاني : أنه زائد ذهنا (٣). الثالث : (٤) أنه في الواجب زائد أيضا.
والإنصاف أن الأولين بديهيان. والمذكر في معرض الاستدلال تنبيهات ، فعلى الأول وجود الأول : أنا إذا نظرنا في الحادث جزمنا بأن له مؤثرا مع التردد في كونه واجبا أو ممكنا ، عرضا أو جوهرا متحيزا أو غير متحيز ، ومع تبدل اعتقاد كونه ممكنا إلى اعتقاد كونه واجبا إلى غير ذلك من الخصوصيات ، فبالضرورة يكون الأمر المقطوع به الباقي مع التردد في الخصوصيات ، وتبدل الاعتقادات مشتركا بين الكل.
الثاني : أنا نقسم الموجود إلى الواجب والممكن ، ومورد القسمة مشترك بين أقسامه ، ضرورة (٥) أنه لا معنى لقسم الشيء إلى بعض ما يصدق هو عليه ، فقولنا : الحيوان إما أبيض أو غير أبيض ، تقسيم له إلى الحيوان الأبيض وغيره ، لا إلى مطلق الأبيض الشامل للحيوان وغيره ، ولو سلم فلا يضرنا لأن المقصود مجرد اشتراكه بين الواجب والممكن ، ردا على من زعم عدم الاشتراك أصلا ، أو لأنه لا قائل بالاشتراك بينهما دون سائر الممكنات أو لأنه يرشد إلى البيان في
__________________
(١) سقط من (ب) لفظ (معنى).
(٢) سقط من (أ) لفظ (الأول).
(٣) سقط من (أ) لفظ (الثاني).
(٤) سقط من (أ) لفظ (الثالث).
(٥) راجع في ذلك (أصول الدين للرازي) المسألة الثانية في أحكام المعلومات ص ٢٥ ـ ٢٦ وأيضا كتاب المواقف ١ ص ١١٦.