وحشة ، ولا لأستعين بكم على أمر عجزت عنه ، ولا لجلب منفعة ، ولا لدفع مضرّة ، بل خلقتكم لتعبدوني طويلا ، وتشكروني كثيرا ، وتسبّحوني بكرة وأصيلا. يا بن آدم! لو أنّ أوّلكم وآخركم ، وجنّكم وإنسكم ، وصغيركم وكبيركم ، وحرّكم وعبدكم ، اجتمعوا على طاعتي ما زاد ذلك في ملكي مثقال ذرّة. ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه ، إنّ الله لغنيّ عن العالمين. يا بن آدم! كما تؤذي يؤذى بك ، وكما تعمل يعلم بك»
الموعظة السّابعة
يقول الله تعالى : " يا بن آدم! يا عبيد الدّينار والدّراهم! إنّي خلقتهما لكم لتأكلوا بهما رزقي ، وتلبسوا بهما ثيابي ، وتسبّحوني وتقدّسوني ؛ ثمّ تأخذون كتابي وتجعلونه وراءكم ، وتأخذون الدّينار والدّراهم وتجعلونها فوق رءوسكم ، ورفعتم بيوتكم وخفضتم بيوتي ، فلا أنتم أخيار ولا أنتم أحرار ؛ أنتم عبيد الدّنيا ، واجتماع مثلكم كمثل القبور المجصّصة ، يرى ظاهرها مليحا وباطنها قبيحا ، وكذا تصلحون للنّاس وتحبّون إليهم بألسنتكم الحلوة ، وأفعالكم الجميلة ، وتباعدون بقلوبكم القاسية وأحوالكم الخبيثة. يا بن آدم! أخلص عملك واسألني! فإنّي أعطيك أكثر ممّا يطلب السّائلون".
الموعظة الثّامنة
يقول الله تعالى : " يا بن آدم! ما خلقتكم عبثا ، ولا خلقتكم سدى ، وما أنا بغافل ، وإني بكم خبير. ولن تنالوا ما عندي إلّا بالصّبر على ما تكرهون في رضائي ، والصّبر لكم على طاعتي أيسر لكم من الصّبر على معصيتي ، وترك الذّنب أيسر لكم من اعتذاري من حرّ النّار ، وعذاب الدّنيا أيسر لكم من عذاب الآخرة ، يا بن آدم! كلّكم ضالّ إلّا من هديته ، وكلّكم مسيء إلّا من عصمته ، وتوبوا إليّ أرحمكم ، ولا تهتكوا أسراركم عند من لا يخفى عليه سرّكم".
الموعظة التّاسعة
يقول الله تعالى : " يا بن آدم! لا تلعنوا المخلوقين فتردّ اللّعنة عليكم. يا بن آدم! استقامت السّماوات في الهواء بلا عمد باسم واحد من أسمائي ، ولم تستقم قلوبكم بألف موعظة من كتابي. يا أيّها النّاس! كما لا يلين الحجر في الماء ، كذلك لا تؤثّر الموعظة في القلوب القاسية. يا بن آدم! كيف تشهدون أنّكم عباد الله ثمّ تعصونه؟ وكيف تزعمون أنّ الموت حقّ وأنتم له كارهون ، وتقولون بألسنتكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هيّنا وهو عند الله عظيم."
الموعظة العاشرة
يقول الله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ) [سورة يونس : ٥٧] ، فلم لا تحسنون إلّا لمن أحسن إليكم ، ولا تصلون إلّا من وصلكم ، ولا تكلّمون