له ، ومن عمل بما علم أورثه الله تعالى علم ما لم يعلم ، ومن أطال أمله لم يخلص عمله".
الموعظة الثّالثة
يقول الله تعالى : " يا بن آدم! اقنع تستغن ، واترك الحسد تسترح ، واجتنب الحرام تخلص دينك ، ومن ترك الغيبة ظهرت له محبّتي ، ومن اعتزل النّاس سلم منهم ، ومن قلّ كلامه كمل عقله ، ومن رضي بالقليل فقد وثق بالله تعالى. يا بن آدم! أنت بما تعلم لا تعمل ، فكيف تطلب علم ما لا تعلم؟ يا بن آدم! تعمل في الدّنيا كأنّك لا تموت غدا ، وتجمع المال كأنّك مخلّد أبدا. يا دنيا احرمي الحريص عليك ، وابتغي الزّاهد فيك ، وكوني حلوة في عين النّاظرين".
الموعظة الرّابعة
يقول الله تعالى : " يا بن آدم! من أصبح حزينا على الدّنيا لم يزدد من الله إلا بعدا ، وفي الدّنيا إلا كدّا ، وفي الآخرة إلّا جهدا ، وألزم الله تعالى قلبه همّا لا ينقطع عنه أبدا ، وشغلا لا يفرع عنه أبدا ، وفقرا لا ينال غنى أبدا ، وآمالا تشغله أبدا. يا بن آدم! تنقص كلّ يوم من عمرك وأنت لا تدري ، وآتيك كلّ يوم برزقك وأنت لا تحمد ؛ فلا بالقليل تقنع ، ولا بالكثير تشبع. يا بن آدم! ما من يوم إلّا ويأتيك رزقك من عندي ، وما من ليلة إلّا ويأتيني الملائكة من عندك بعمل قبيح ؛ تأكل رزقي وتعصيني ، وأنت تدعوني فأستجيب لك ، وخيري إليك نازل ، وشرّك إليّ واصل ؛ فنعم المولى أنا لك! وبئس العبد أنت لي! تستلّني ما أعطيك ، وأستر عليك سوأة بعد سوأة فضيحة ، وأنا أستحيي منك وأنت لا تستحي منّي ، تنساني وتذكر غيري ، وتخاف النّاس وتأمن منّي ، وتخاف مقتهم ، وتأمن غضبي".
الموعظة الخامسة
يقول الله تعالى : " يا بن آدم! لا تكن ممّن يقصّر التّوبة ، ويطوّل الأمل ، ويرجو الآخرة بغير عمل ؛ يقول قول العابدين ويعمل عمل المنافقين. إن أعطي لم يقنع ، وإن منع لم يصبر. يأمر بالخير ولا يفعله. وينهى بالشّرّ ولم ينته عنه. يحبّ الصّالحين وليس منهم ، ويبغض المنافقين وهو منهم. يقول ما لا يفعل ، ويفعل ما لا يؤمر ، ويستوفي ما لا يوفي. يا بن آدم! ما من يوم جديد إلّا والأرض تخاطبك في قولها تقول لك : يا بن آدم! تمشي على ظهري ، ثمّ تحزن في بطني ، وتأكل الشّهوات على ظهري ، ويأكلك الدّود في بطني. يا بن آدم! أنا بيت الوحشة ، وأنا بيت المساءلة ، وأنا بيت الوحدة ، وأنا بيت الظّلمة ، وأنا بيت الحيّات والعقارب ، فاعمرني ولا تخرّبني".
الموعظة السّادسة
يقول الله تعالى : " يا بن آدم! ما خلقتكم لأستكثر بكم من قلّة ، ولا لأستأنس بكم من