ويقال : إن الناس في قربهم عند النظر إلى وجه الله تعالى على قدر بكورهم إلى الجمعة.
ثم إذا دخلت الجامع فاطلب الصف الأول ، فإذا اجتمع الناس فلا تتخط رقابهم ، ولا تمر بين أيديهم وهم يصلون ، واجلس بقرب حائط أو اسطوانة حتى لا يمروا بين يديك ، ولا تقعد حتى تصلي التحية ، والأحسن أن تصلي أربع ركعات ، تقرأ في كل ركعة بعد الفاتحة سورة الإخلاص خمسين مرة ، ففي الخبر أن من فعل ذلك لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة أو يرى له. ولا تترك التحية وإن كان الإمام يخطب ، ومن السنة أن تقرأ في اربع ركعات سورة الأنعام والكهف وطه ويس ، فإن لم تقدر فسورة يس والدخان والم السجدة وسورة الملك ؛ ولا تدع قراءة هذه السورة في ليلة الجمعة ، ففيها فضل كثير ؛ ومن لم يحسن ذلك فليكثر من قراءة سورة الإخلاص.
وأكثر من الصلاة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم في هذا اليوم خاصة. ومهما خرج الإمام ، فاقطع الصلاة والكلام ، واشتغل بجواب المؤذن ، ثم باستماع الخطبة والاتعاظ بها. ودع الكلام رأسا في الخطبة ، ففي الخبر «أنّ من قال لصاحبه والإمام يخطب أنصت فقد لغا ، ومن لغا فلا جمعة له» أي لأن قوله أنصت كلام فينبغي أن ينهى غيره بالإشارة لا باللفظ.
ثم اقتد بالإمام كما سبق ؛ فإذا فرغت وسلمت فاقرأ الفاتحة قبل أن تتكلم سبع مرات ، والإخلاص سبعا ، والمعوذتين سبعا سبعا ، فذلك يعصمك من الجمعة إلى الجمعة الأخرى ويكون حرزا لك من الشيطان ؛ وقل بعد ذلك : اللهم يا غني يا حميد ، يا مبدئ يا معيد ، يا رحيم يا ودود ، أغنني بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك.
ثم صلّ بعد الجمعة ركعتين أو ستا مثنى مثنى ، فكل ذلك مرويّ عن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم في أحوال مختلفة.
ثم لازم المسجد إلى المغرب أو إلى العصر ، وكن حسن المراقبة للساعة الشريفة فإنها مبهمة في جميع اليوم ، فعساك أن تدركها وأنت خاشع لله تعالى متذلل متضرع. ولا تحضر في الجامع مجالس الخلق ولا مجالس القصاص ، بل مجالس العلم النافع ، وهو الذي يزيد في خوفك من الله ، وينقص من رغبتك في الدنيا ؛ فكل علم لا يدعوك من الدنيا إلى الآخرة فالجهل أعود عليك منه ، فاستعذ بالله من علم لا ينفع.
وأكثر الدعاء عند طلوع الشمس ، وعند الزوال ، وعند الغروب ، وعند صعود الخطيب المنبر ، وعند قيام الناس إلى الصلاة ، فيوشك أن تكون الساعة الشريفة في بعض الأوقات.
واجتهد أن تتصدق في هذا اليوم بما تقدر عليه وإن قل ، فتجمع بين الصلاة والصوم والصدقة والقراءة والذكر والاعتكاف والرباط. واجعل هذا اليوم من الأسبوع خاصة لآخرتك ، فعساه أن يكون كفارة لبقية الأسبوع.