وثانيا : إن وجدته
عقب ذنب أحدثته فهو من الله تعالى عقوبة لك ، وإن لم يكن عقب ذنب كان منك فهو من
الشيطان.
وثالثها : إن
وجدته لا يضعف ولا يقل من ذكر الله تعالى ولا يزول فهو من هوى النفس ، وإن وجدته
يضعف من ذكر الله فهو من الشيطان.
وأما الفصل الثالث
: إذا أردت أن تفرق بين خاطر خير يكون من الله تعالى أو من الملك فانظر في ذلك من
ثلاثة أوجه :
أحدها : إن كان
مصمما على حالة واحدة فهو من الله تعالى ، وإن كان مترددا فهو من الملك إذ هو
بمنزلة ناصح.
والثاني : إن كان
عقب اجتهاد منك وطاعة فهو من الله تعالى ، وإلا فهو من الملك.
والثالث : إن كان
في الأصول والأعمال الباطنة فهو من الله تعالى وإن كان في الفروع والأعمال الظاهرة
فهو من الملك في الأكثر ، إذ الملك لا سبيل له إلى معرفة باطن العبد في قول أكثرهم
، وأما خاطر الخير الذي يكون من قبل الشيطان استدراجا إلى شر يربو عليه ، فانظر
فإن وجدت نفسك في ذلك الفعل الذي خطر بقلبك مع نشاط لا مع خشية ، ومع عجلة لا مع
تأن ، ومع أمن لا مع خوف ، ومع عمى العاقبة لا مع بصيرة ، فاعلم أنه من الشيطان
فاجتنبه ، وإن وجدت نفسك على ضد ذلك فاعلم أنه من الله تعالى أو من الملك قلت أنا
وكان النشاط خفة في الإنسان للفعل من غير بصيرة وذكر ثواب ينشط في ذلك. وأما
التأني : فمحمود إلا في مواضع معدودة ، وأما الخوف : فيحتمل أن يكون في إتمامه
وأدائه على حقه وقبول الله تعالى إياه.
وأما بضارة
العاقبة : فبأن تتبصر وتتيقن أنه رشد وخير ، ويحتمل أن يكون لرؤية الثواب في
العقبى ورجائه. فهذه الفصول الثلاثة التي لزمتك معرفتها فارعها فإنها من العلوم
اللطيفة والأسرار الشريفة في هذا الأمر ، وبالله التوفيق وهو ولي الهداية.
الباب الثامن عشر
في بيان معنى آفات اللسان وهي عشرون آفة
أولها : الكلام
فيما لا يعني ، ثم فضول الكلام ، ثم الخوض في الباطل ، ثم المراء والمجادلة ، ثم
الخصومة ، ثم التقعر في الكلام ، ثم الفحش والسب ثم اللعن ، ثم الشعر ، ثم المزاح
، ثم السخرية والاستهزاء ، ثم إفشاء سر الغير ، ثم الوعد الكاذب ، ثم الكذب في
القول واليمين ، ثم الغيبة والنميمة ثم ذو اللسانين ، ثم المدح ، ثم الخطأ في فحوى
الكلام ، ثم سؤال العوام عما لا يبلغه فهمهم من صفات الله تعالى. فأما حد الكلام
فيما لا يعني : فهو أن