أمرّ على الديارِ ديارِ ليلى |
|
أُقبِّلُ ذا الجدارَ وذا الجدارا |
وما حبُّ الديارِ شَغفْنَ قلبي |
|
ولكنْ حبُّ مَنْ سَكَن الديارا |
كلا ، وليس استلام الحجر إلّا لاستحضار [معنى] المبايعة لله على طاعته ، والتصميم من المكلف لعزيمته على الوفاء ببيعته (فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً).
ولذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : (الحجر الأسود يمين الله في الأرض ؛ يصافح بها خلقه ، كما يصافح الرجل أخاه).
ولمّا قبّله عمر ، قال : «لأعلم إنّك حجر ؛ لا تضرّ ولا تنفع ، ولو لا أنّي رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقبّلك لما قبّلتك» (١).
فقال عليّ : (يا عمرُ مَهْ بل يضرّ وينفع ، فإنّ الله سبحانه أخذ الميثاق على بني آدم حيث يقول : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ) الآية ، القمه هذا الحجر ليكون شاهداً عليهم بأداء أمانتهم ، وذلك معنى قول الإنسان عند استلامه : (أمانتي أدّيتها ، وميثاقي تعاهدته ؛ لتشهد لي عند ربّك بالموافاة) (٢).
وكذلك التعلّق بأستار الكعبة والالتصاق بالملتزم ، إنّما هو لاستحضار طلب القرب من الله حبّاً لله ، وشوقاً إلى لقائه ، وتبرّكاً بالمماسّة ، والإلحاح في طلب الرحمة.
وهكذا أسرار السعي والهرولة بين الصفا والمروة والوقوفين
__________________
(١) الحديث إلى هنا في صحيح البخاري ٢ / ١٦٠ ، ومسلم ٤ / ٦٦ ، سنن النسائي ٥ / ٢٢٧ ، ولاحظ التخريج التالي.
(٢) أورد جواب علي عليهالسلام لعمر ، الحاكم في المستدرك على الصحيحين ١ / ٤٥٨ وفي آخره :
فقال عمر : أعوذ بالله أن أعيش في قومٍ لستَ فيهم ، يا أبا حسن.