ولكان أمر الله لبني إسرائيل في أريحا يوم دخول القرية بالخضوع لباب حطّة.
وأمر الله نبيّه بخفض الجناح لمن اتّبعه من المؤمنين.
وأمر الله عباده بالخفض للوالدين ، والزوجة للزوج. كل ذلك أمراً بالشرك؟!
ولكان يعقوب وولده بسجودهم ليوسف حين خرّوا له ساجدين ، وكلُّ من أُولئك في خضوعهم المأمورين به مشركين؟!
وذلك لوضوح أنّ كلّ هذا إنّما هو عبادة الآمر بها ، لا عبادتها إيّاها.
سبحان الله.
ما أجهل المعترضين على الآيات ، وما أغفلهم عن البيّنات.
وما أشدّ إعراضهم عن المحكمات إلى المتشابهات.
[حقيقة العبادة]
فليس ذلك إلّا لأنّ العبادة ليس المراد منها معناها اللغوي ـ أعني مطلق الطاعة والدعاء ـ. بل إنّما حقيقة العبادة هي مجرّد الطاعة والامتثال لأمر الله الواجب وجوده ، العظيم لذاته ؛ ونفسُ الانقياد وإتباعه بكلّ ما أمر به دعاءً كان أو نداءً أو خضوعاً أو سجدة أو توسّلاً أو استشفاعاً إلى غير ذلك ، ممّا يرجع إليه بالاعتبار اللفظي أو العقلي أو العادي. وتدور العبادة والشرك ـ وجوداً وعدماً ـ مدار الطاعة والانقياد بقصد الامتثال والاستقلال في المألوهية ؛ بمعنى أنّ العبادة هي ما قُصد به الامتثال بداعي الأمر بها مطلقاً.
[حقيقة الشرك]
وأمّا الشرك : فهو تشريك الغير بالاستقلال في المعبوديّة ، واتّخاذه دون الله أو مع الله بالألوهية. فما هذا التمويه والمغالطة؟! وما هذا الخلط الظاهر وخبط