وفي المنقول عن كتاب له في فتاواه (مسألة ٢٢) (١) قال : «لو سافر إلى المسجد النبوي ، ثمّ ذهب معه إلى قبا ، فهذا يستحبّ ، كما يستحبّ زيارة أهل البقيع وشهداء أُحد» انتهى كلامه.
وأما الدعاء عندها فلقوله تعالى : (وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ).
حيث ذكر المفسّرون ـ كأبي السعود والإمام الرازي وغيرهم من أعاظم المفسّرين ـ : أنّ النبيّ كان من عادته إذا دُفن الميّت ، وقف على قبره ساعة ، ودعا له.
ففي الآية دلالة على أنّ القيام على القبور للدعاء عبادة مشروعة ، ولو لا ذلك لم يخصّ بالنهي عن الكافر.
[إسلام السلفية والوهابية]
وبها استدلّ أيضاً شيخ الوهّابية ومؤسّس ديانتهم أحمد بن تيمية فيما نقل عنه من كتاب له في فتاواه (في جواب مسألة ٥١٨) (٢) قال :
«فأمّا الزيارة الشرعية فهي من جنس الصلاة على الميّت ؛ يقصد بها الدعاء للميّت ، كما يقصد بالصلاة عليه ، كما قال الله في حقّ المنافقين (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) فلمّا نهى عن الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم ، دلّ ذلك بطريق مفهوم الخطاب وعلّة الحكم على أنّ ذلك مشروع في حقّ المؤمنين.
والقيام على قبره بعد الدفن هو من جنس الصلاة عليه قبل الدفن ؛ يُراد به الدعاء له.
__________________
(١) ص ١٨٦.
(٢) مجلد ٤ ص ٣٠٦.