على أنّه يردّها قوله تعالى في غير موضع من القرآن (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ).
حيث دلّت الآية على لزوم الدعاء إلى الله في قضاء الحاجات ، والنجاة من الهلكات منه سبحانه تعالى ، وأنّ ما عداه شِرْك مُنافٍ للإخلاص.
وعليه يلزم التناقض بين الآيتين.
ودفعه لا يكون إلّا بدعوى : أنّ الاستعانة بالغير على وجه الاستقلال والاستبداد ـ بإلغاء ذي الواسطة ـ فيكون شركاً مُنافياً للعبادة والخلوص ، كما تقدّم في معنى الشرك.
وهذا من غير فرق بين جعل الواسطة في الأُمور المتعلّقة بهذه النشأة أو غيرها ؛ حيث إنّ الشرك حرام شرعاً وقبيح عقلاً ، وحكم العقل ليس قابلاً للتخصيص ولا التبعيض ، وقد قَبِله الشرع مع اتّحاد المناط في الحرمة.
[أدلة المنع من الاستشفاع]
فدعوى المتكلّف : أنّ الاستشفاع بغير الله شرك ، مستدلّا :
تارة بقوله : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ).
وأخرى بقوله تعالى : (وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى).
ومرّة بقوله تعالى في سورة سبأ :
(وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ).
وتارة بقوله تعالى في سورة طه : (يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا). (مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً).
وأُخرى بقوله تعالى : (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى).
إلى آخر ما استشهد به لدعواه.