روي ابن جرير وغيره في تفسير : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) [الإسراء ٧٩] ان المقام المحمود هو الشفاعة العظمى ، وذكر عن مجاهد أن المقام المحمود هو أن الله تعالى يجلس رسوله معه على العرش ، والله أعلم.
* * *
والله ناصر دينه وكتابه |
|
ورسوله في سائر الأزمان |
لكن بمحنة حزبه من حربه |
|
ذا حكمة مذ كانت الفئتان |
وقد اقتصرت على يسير من |
|
كثير فائت للعد والحسبان |
ما كل هذا قابل التأويل بالتحريف |
|
فاستحيوا من الرحمن |
الشرح : إذا كانت الحرب في هذا الباب قائمة بين أهل الحق والاثبات من جهة ، وبين أهل النفي والتعطيل من جهة أخرى ، فإن النصر فيها مضمون لأقربهما الى كتاب الله وسنة رسوله صلىاللهعليهوسلم ، حيث وعد الله عزوجل بذلك في كتابه ، قال تعالى : (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ* إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) [الصافات : ١٧١ ، ١٧٢] وقال : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) [غافر : ٥١] ولكن ما يجري على أهل الحق من عدوان أهل الباطل عليهم وإيذائهم لهم ، فإن ذلك امتحان من الله تبارك وتعالى لحزبه وأوليائه ليصفي بذلك جوهرهم ويمحص قلوبهم ويزيدهم عنده كرامة ورفعة على ما أوذوا في سبيله وصبروا وعلى ما احتملوا في جهاد أعدائه المبطلين ، قال تعالى : (وَلَوْ يَشاءُ اللهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلكِنْ لِيَبْلُوَا بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ) [محمد : ٤].
ثم ذكر الشيخ رحمهالله أنه لم يذكر من أدلة علو الله تعالى على خلقه واستوائه على عرشه إلا طرفا يسيرا جدا من كثير لا يمكن عده واحصاؤه ، ولا يعقل أن تكون هذه النصوص كلها من الآيات والأحاديث والآثار في كثرتها ووضوحها قابلة لتأويل هؤلاء المعطلة لو لا أن القوم قد أصبحوا ولا حياء عندهم يمنعهم من الجرأة على كتاب الله عزوجل بالتحريف ، ويلزمهم الوقوف