لهذا الحديث حيث يتهمه بالعدوان والكذب ، ولكنه يظل يمدحه ويطريه إذا هو روى ما يوافق مذهبه فهذا دأبهم دائما تصديق للراوي فيما لا يصادم قضية من قضايا عقولهم الخاسرة فإذا روى هو نفسه حديثا على خلاف ما ذهبوا إليه لم يكن نصيبه منهم إلا التشنيع والتكذيب ، فما أجدر هؤلاء باسم المطففين حيث يستوفون الذي لهم وينكرون الذي عليهم فهذا فهو التطفيف في الحقيقة لا التطفيف في كل أو ذرع أو ميزان. بل أجدرهم أن يكونوا ممن قال الله عزوجل فيهم (وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ* وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ* أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [النور : ٤٨ ، ٥٠].
وأما قوله : واذكر حديث نزوله الخ فقد تقدم الكلام على هذا الحديث وهو يدل دلالة قاطعة على وجود الله عزوجل فوق عرشه ، فإن حقيقة النزول هي انتقال النازل من مكان عال إلى ما دونه فنزول بلا فوقية ممتنع في العقل والشرع جميعا وأما تأويله بنزول الأمر أو الرحمة أو الملك فقد بينا فساده ، وأما قوله واذكر حديث الصادق ابن رواحة الخ. فهو عبد الله بن رواحة الخزرجي أحد شعراء الرسول صلىاللهعليهوسلم قتل في غزوة مؤتة. وقد جاء في هذا الحديث أن عبد الله ابن رواحة وقع على جارية له فرأته زوجته فجاءت بسكين لتضربه بها فأنكر أنه غشي الجارية فقالت له : ان كنت صادقا فاقرأ قرآنا فأنشدها هذين البيتين :
شهدت بأن وعد الله حق |
|
وأن النار مثوى الكافرين |
وأن العرش فوق الماء طاف |
|
وفوق العرش رب العالمين |
فقالت صدق الله وكذبت عيناي. وقد أخبر ابن رواحة رسول الله صلىاللهعليهوسلم بذلك فأقره ، ولم ينكر عليه. وفي هذين البيتين تصريح بأن الله فوق عرشه فوقية حقيقية.
* * *