عمرو (١) ، عن محمّد بن عليّ ـ أن عمر خطب إلى عليّ ابنته أم كلثوم ، فذكر له صغرها ، فقيل له : إنه ردك فعاوده ، فقال له عليّ : أبعث بها إليك ، فإن رضيت فهي امرأتك ، فأرسل بها إليه ، فكشف عن ساقها ، فقالت : مه! لو لا أنك أمير المؤمنين للطمت عينيك.
وقال ابن وهب ، عن عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن جدّه : تزوّج عمر أم كلثوم على مهر أربعين ألفا. وقال الزّبير : ولدت لعمر ابنيه : زيدا ، ورقية ، وماتت أم كلثوم وولدها في يوم واحد ، أصيب زيد في حرب كانت بين بني عديّ ، فخرج ليصلح بينهم فشجّه رجل وهو لا يعرفه في الظلمة ، فعاش أياما ، وكانت أمه مريضة فماتا في يوم واحد.
وذكر أبو بشر الدّولابيّ في الذّرية الطّاهرة ، من طريق أبي إسحاق ، عن الحسن بن الحسن بن عليّ ، قال : لما تأيّمت أم كلثوم بنت عليّ عن عمر ، فدخل عليها أخواها الحسن والحسين ، فقالا لها : إن أردت أن تصيبي بنفسك مالا عظيما لتصيبنّ ، فدخل علي فحمد الله وأثنى عليه وقال : أي بنية ، إن الله قد جعل أمرك بيدك ، فإن أحببت أن تجعليه بيدي. فقالت : يا أبت ، إني امرأة أرغب فيما ترغب فيه النساء ، وأحبّ أن أصيب من الدّنيا. فقال : هذا من عمل هذين ، ثم قام يقول : والله لا أكلّم واحدا منهما أو تفعلين! فأخذا شأنها وسألاها ففعلت ، فتزوّجها عوف بن جعفر بن أبي طالب.
وذكرها الدّار الدّارقطنيّ في كتاب الإخوة أنّ عوفا مات عنها فتزوّجها أخوه محمد ، ثم مات عنها فتزوّجها أخوه عبد الله بن جعفر ، فماتت عنده.
وذكر ابن سعد نحوه ، وقال في آخره : فكانت تقول : إني لأستحيي من أسماء بنت عميس ، مات ولداها عندي ، فأتخوّف على الثّالث. قال : فهلكت عنده ، ولم تلد لأحد منهم. وذكر ابن سعد عن أنس بن عياض ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ـ أن عمر خطب أم كلثوم إلى عليّ ، فقال : إنما حبست بناتي على بني جعفر ، فقال : زوّجنيها ، فو الله ما على ظهر الأرض رجل يرصد من كرامتها ما أرصد. قال : قد فعلت ، فجاء عمر إلى المهاجرين فقال : رفئوني فرفئوه (٢) ، فقالوا : بمن تزوّجت؟ قال : بنت عليّ. إن النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «كلّ نسب وسبب سيقطع يوم القيامة إلّا نسبي وسببي (٣) ، وكنت قد صاهرت فأحببت هذا أيضا».
__________________
(١) في أ : عمير.
(٢) الرّفاء : الالتئام والاتفاق والبركة والنماء. النهاية ٢ / ٢٤٠.
(٣) أخرجه الحاكم ٣ / ١٤٢ وابن سعد ٨ / ٣٤٠ وانظر المجمع ١٠ / ١٧ والكنز (٣١٩١٥) (٣٧٥٨٧).
الإصابة/ج٨/م٣٠