عبد الغني ، يعني في المشتبه ، قال : وخالفهم الطبراني وغيره ، فجعلوها فيمن لم يسمّ ، ثم ساق الحديث من رواية الطبراني ، عن حجاج بن عمران السدومي ، عن يحيى بن خلف ، عن عبد الأعلى ، عن محمد بن إسحاق ، عن سليمان بن سحيم ، عن أمه بنت أبي الحكم الغفارية : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنّ الرّجل ليدنو من الجنّة حتّى ما يكون بينه وبينها إلّا ذراع فيتباعد عنها أبعد من صنعاء» (١).
قلت : وهذا الحديث هو الّذي أشار إليه أبو عمر أنه في القدر ، ولكن تبين من كلام أبي موسى أن أبا عمر حرّف لفظ أمّه ، فقرأه أمة ، بفتحتين مخففا ، يظنّه اسما ، وإنما هو صفة ، وهو بضم أوله وتشديد الميم ، قال سليمان قال : حدثتني أمّي ، ثم نسبها إلى أبيها ولم يسمّها ، وسيأتي عن الواقدي ـ أنها أم علي.
واقتضى كلام أبي موسى أنّ بنت أبي الحكم وبنت أبي الصلت واحدة ، وقد ظهر من رواية غير عبد الأعلى أنّ في قوله : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهما ، وأنه سقطت من السند الصحابية بعد بنت أبي الحكم.
وقد تيقّظ أبو موسى لذلك ، فذكر أنّ أبا داود أخرج من طريق ابن إسحاق ، عن سليمان بن سحيم ، عن أمة بنت أبي الصلت ، عن امرأة من غفار ـ حديثا آخر. وهذه المرأة الغفارية ذكر السّهيليّ أنّ اسمها ليلى ، وأنها امرأة أبي ذرّ الغفاريّ ، وسيأتي في حرف اللام أنّ أبا عمر ترجم لليلى الغفارية.
وذكر السّهيليّ أيضا عن أبي الوليد أنّ اسم أبي الصلت الحكم ، وكأنّ بعض الرواة قلب ، فقال : بنت أبي الحكم ، وهو الصلت.
قلت : فعلى هذا النسب للرواية عن ليلى الغفارية لها صحبة سواء كان اسمها أمة أو أمية أو أمامة أو آمنة ، وسواء كان أبوها الحكم أو الصلت أو أبا الحكم أو أبا الصلت. فكأن بعض الرواة وهم في إسقاط الصحابية ، فصار : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم منسوبا للتابعية غلطا ، وإنما قلت ذلك ، لأنّ مخرج الحديث واحدة.
وقد ذكرت أميمة بنت قيس بن أبي الصلت وحديثها في قصة أخرى ، وإن كان في سنده سليمان بن سحيم ، وذكرت أيضا أمية بنت أبي قيس وحديثها في قصة أخرى ، وليس في السند مع ذلك سليمان بن سحيم ، فاحتمال التعدّد في هاتين قريب ، بخلاف من تقدم ذكرها. والعلم عند الله تعالى.
__________________
(١) أخرجه أحمد في المسند ٤ / ٦٤ ، ٥ / ٣٧٧. قال الهيثمي في الزوائد ١٠ / ٣٠٠ رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.