أنها بقيت بعده ثلاثة أشهر وقال غيره : بعده أربعة أشهر ، وقيل شهرين ، وعند الدّولابي في الذّرية الطّاهرة : بقيت بعده خمسة وتسعين يوما. وعن عبد الله بن الحارث بقيت بعده ثمانية أشهر.
وأخرج ابن سعد ، وأحمد بن حنبل ، من حديث أمّ رافع ، قال : مرضت فاطمة فلما كان اليوم الّذي توفيت قالت لي : يا أمة ، اسكبي لي غسلا ، فاغتسلت كأحسن ما كانت تغتسل. ثم لبست ثيابا لها جددا ثم قالت : اجعلي فراشي وسط البيت ، فاضطجعت عليه ، واستقبلت القبلة ، وقالت يا أمة ، إني مقبوضة الساعة ، وقد اغتسلت ، فلا يكشفنّ لي أحد كنفا (١) ، فماتت ، فجاء عليّ فأخبرته فاحتملها ودفنها بغسلها ذلك.
وأخرج ابن سعد من طريق محمد بن موسى ـ أنّ عليا غسّل فاطمة. ومن طريق عبيد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، قالت : صلّى العباس على فاطمة ، ونزل هو وعلي والفضل بن عبّاس في حفرتها.
وروى الواقديّ ، عن طريق الشّعبي ، قال : صلّى أبو بكر على فاطمة ، وهذا فيه ضعف وانقطاع.
وقد روى بعض المتروكين عن مالك ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه نحوه ، ووهّاه الدّارقطنيّ ، وابن عديّ.
قال ابن سعد : أخبرنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السّائب ، عن أبيه ، عن علي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما زوجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة أدم حشوها ليف ورحاءين وسقاءين ، قال : فقال عليّ لفاطمة يوما : سنوت (٢) حتى اشتكيت صدري ، وقد جاء الله بسبي فاذهبي فاستخدمي. فقالت : وأنا والله قد طحنت حتى مجلت (٣) يداي ، فأتت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : «ما جاء بك أي بنيّة؟» فقالت : جئت لأسلّم عليك ، واستحيت أن تسأله ورجعت ، فأتياه جميعا ، فذكر له عليّ حالهما ، قال : «لا والله لا أعطيكما ، وأدع أهل الصّفة تتلوّى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم ، ولكن أبيع وأنفق عليهم أثمانهم» ، فرجعا ، فأتاهما وقد دخلا قطيفتهما ، إذ غطيا رءوسهما بدت أقدامهما ، وإذا غطّيا أقدامهما انكشفت رءوسهما ، فثارا ، فقال : «مكانكما ، ألا أخبركما بخير ممّا
__________________
(١) الكنف : الجانب. النهاية ٤ / ٢٠٤.
(٢) يقال : سنوت الدّلو سناوة إذا جررتها من البئر. اللسان ٣ / ٢١٢٩.
(٣) ثخن جلدها وتعجّر وظهر فيها ما يشبه البثر من العمل بالأشياء الصّلبة الخشنة. النهاية ٤ / ٣٠٠.