كبيرا قد ساء خلقه وضجر ، قالت : فدخل عليّ يوما فراجعته بشيء فغضب وقال : أنت عليّ كظهر أمي ، ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل عليّ فإذا هو يريدني قالت : فقلت : كلا والّذي نفسي بيده ، لا تخلص إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا. قالت : فواثبني فامتنعت منه فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عني ، ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجلست بين يديه ، فذكرت له ما لقيت منه. فجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه ، قالت : فجعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يا خويلة ، ابن عمّك شيخ كبير فاتّقي الله فيه».
قالت : فو الله ما برحت حتى نزل فيّ القرآن ، فتغشّى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما كان يتغشاه ثم سرّي عنه ، فقال : «يا خويلة ، قد أنزل الله فيك وفي صاحبك». ثم قرأ عليّ : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ) ... إلى قوله : (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) [المجادلة ١ و ٤].
قالت : فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مريه فليعتق رقبة». قالت : فقلت : والله يا رسول الله ، ما عنده ما يعتق. قال : «فليصم شهرين متتابعين». قالت : فقلت : والله إنّه لشيخ كبير ما به من طاقة. قال : «فليطعم ستّين مسكينا وسقا بعذق من تمر». قالت : فقلت : يا رسول الله ، ما ذاك عنده. قالت : فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فإنّا سنعينك بعذق من تمر». قالت : فقلت : يا رسول الله ، وأنا سأعينه بعذق آخر. فقال : «قد أصبت وأحسنت ، فاذهبي فتصدّقي به عنه ، ثمّ استوصي بابن عمّك خيرا». قالت : ففعلت.
وفي رواية محمد بن سلمة عن إسحاق : خولة بنت مالك بن ثعلبة. أخرجه ابن مندة ، وكذا أخرجه من طريق جعفر بن الحارث عن ابن إسحاق ، وكذا رواه زكريا بن أبي زائدة ، عن ابن إسحاق ، أخرجه الحسن بن سفيان.
وقال أبو عمر : روينا من وجوه عن عمر بن الخطاب أنه خرج ومعه الناس ، فمرّ بعجوز فاستوقفته فوقف ، فجعل يحدّثها وتحدثه ، فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ، حبست الناس على هذه العجوز. فقال : ويلك! أتدري من هي؟ هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات ، هذه خولة بنت ثعلبة التي أنزل الله فيها : (قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما ...) [المجادلة ١] الآيات ، [والله لو أنها وقفت إلى الليل] ما فارقتها إلا للصلاة ثم أرجع إليها.
قال : وقد روى خليد بن دعلج عن قتادة ، قال : خرج عمر من المسجد ومعه الجارود العبديّ فإذا بامرأة برزة على ظهر الطريق ، فسلّم عليها عمر ، فردت عليهالسلام ، فقالت :