الله ، كأني أراك قد دخلتك خلة لفقد خديجة. قال : «أجل ، كانت أمّ العيال وربّة البيت ...» الحديث. وسنده قوي مع إرساله.
وقال أيضا : أخبرنا يزيد بن هارون ، أخبرنا حماد بن سلمة ، عن حميد الطويل ، عن عبد الله بن عمير ، قال : وجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم على خديجة حتى خشي عليه حتى تزوج عائشة.
ومن مزايا خديجة أنها ما زالت تعظّم النبي صلىاللهعليهوسلم ، وتصدق حديثه قبل البعثة وبعدها ، وقالت له لما أرادت أن يتوجّه في تجارتها : إنه دعاني إلى البعث إليك ما بلغني من صدق حديثك ، وعظم أمانتك ، وكرم أخلاقك ، ذكره ابن إسحاق.
وذكر أيضا أنها قالت لما خطبها : إني قد رغبت فيك لحسن خلقك ، وصدق حديثك.
ومن طواعيتها له قبل البعثة أنها رأت ميله إلى زيد بن حارثة بعد أن صار في ملكها ، فوهبته له صلىاللهعليهوسلم ، فكانت هي السبب فيما امتاز به زيد من السبق إلى الإسلام ، حتى قيل : إنه أول من أسلم مطلقا.
وأخرج ابن السّنّيّ بسند له عن خديجة ـ أنها خرجت تلتمس رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأعلى مكة ومعها غذاؤه ، فلقيها جبريل في صورة رجل ، فسألها عن النبي صلىاللهعليهوسلم فهابته ، وخشيت أن يكون بعض من يريد أن يغتاله ، فلما ذكرت ذلك للنّبيّ صلىاللهعليهوسلم قال لها : «هو جبريل ، وقد أمرني أن أقرأ عليك السّلام ، وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نصب» (١).
وأخرجه النّسائيّ ، والحاكم ، من حديث أنس : جاء جبريل إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «إن الله يقرأ على خديجة السّلام» ، فقالت : إنّ الله هو السّلام ، وعلى جبريل السّلام ، وعليك ، السلام ورحمة الله.
وفي «صحيح البخاريّ» عن علي ـ رفعه : خير نسائها مريم ، وخير نسائها خديجة.
ويفسر المراد به ما أخرجه ابن عبد البرّ في ترجمة فاطمة عن عمران بن حصين ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم عاد فاطمة ، وهي وجعة ، فقال : «كيف تجدينك يا بنيّة؟» قالت : إني لوجعة ، وإنه ليزيد ما بي ما لي طعام آكله. فقال : «يا بنيّة ، ألا ترضين أنّك سيّدة نساء العالمين؟» قالت : يا أبت ، فأين مريم بنت عمران؟ قال : «تلك سيّدة نساء عالمها».
فعلى هذا مريم خير نساء الأمة الماضية ، وخديجة خير نساء الأمة الكائنة.
__________________
(١) أخرجه الحاكم في المستدرك ٣ / ١٨٥ وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وأورده الهيثمي في الزوائد. ٩ / ٢٢٧.