السنة كنصف السنة ، والسنة كالشهر ، والشهر كالجمعة ، وآخر أيامه كالشررة ، يصبح أحدكم على باب المدينة فلا يبلغ بابها الآخر حتى يمسي» فقيل له : كيف نصلي يا نبي الله في تلك الأيام القصار؟ قال : «تقدرون الصلاة كما تقدرون في هذه الأيام الطوال ، ثم صلوا» قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فيكون عيسى ابن مريم في أمتي حكما عدلا ، وإماما مقسطا ، يدق الصليب ويذبح الخنزير ، ويضع الجزية ، ويترك الصدقة ، فلا يسعى على شاة ولا بعير ، وترتفع الشحناء والتباغض وتنزع حمة (١) كل ذات حمة حتى يدخل الوليد يده في الحية فلا تضره ، وتفر (٢) الوليدة الأسد فلا يضلها ، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها ، وتملأ الأرض من السلم كما يملأ الإناء من الماء ، وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله ، وتضع الحرب أوزارها وتسلب قريش ملكها ، وتكون الأرض لها نور الفضة وتنبت نباتها كعهد آدم حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم ، ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم ، ويكون الثور بكذا وكذا من المال ، ويكون الفرس بالدريهمات» قيل : يا رسول الله ، وما يرخص الفرس؟ قال : «لا تركب لحرب أبدا» قيل له : فما يغلي الثور؟ قال : يحرث الأرض كلها ، وإن قبل خروج الدجال ثلاث سنوات شداد ، يصيب الناس فيها جوع شديد ، ويأمر الله السماء في السنة الأولى أن تحبس ثلث مطرها ، ويأمر الأرض فتحبس ثلث نباتها ، ثم يأمر الله السماء في السنة الثانية ، فتحبس ثلثي مطرها ، ويأمر الأرض فتحبس ثلثي نباتها ، ثم يأمر الله عزوجل السماء في السنة الثالثة فتحبس مطرها كله ، فلا تقطر قطرة ، ويأمر الأرض أن تحبس نباتها كله فلا تنبت خضراء ، فلا تبقى ذات ظلف إلا هلكت إلا ما شاء الله» قيل : فما يعيش الناس في ذلك الزمان؟ قال : «التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد ، ويجري ذلك عليهم مجرى الطعام». قال ابن ماجة : سمعت أبا الحسن الطنافسي يقول : سمعت عبد الرحمن المحاربي يقول : ينبغي أن يدفع هذا الحديث إلى المؤدب حتى يعلمه الصبيان في الكتاب.
هذا حديث غريب جدا من هذا الوجه ، ولبعضه شواهد من أحاديث أخر ، من ذلك ما رواه مسلم ، وحديث نافع وسالم عن عبد الله بن عمر وقال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لتقاتلن اليهود فلتقتلنهم حتى يقول الحجر : يا مسلم هذا يهودي فتعال فاقتله» وله من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر ، فيقول الحجر والشجر : يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله ـ إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود».
ولنذكر حديث النواس بن سمعان هاهنا لشبهه بهذا الحديث. قال مسلم بن الحجاج في
__________________
(١) الحمة : إبرة العقرب.
(٢) تفرّه : تحمله على الفرار.