يتزوجوا. وقال مجاهد : نزلت في الرجلين إذا فعلا ـ لا يكني ، وكأنه يريد اللواط ـ والله أعلم ، وقد روى أهل السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «من رأيتموه يعمل عمل قوم لوط ، فاقتلوا الفاعل والمفعول به». وقوله : (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا) أي أقلعا ونزعا عما كانا عليه وصلحت أعمالهما وحسنت ، (فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) أي لا تعنفوهما بكلام قبيح بعد ذلك ، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له (إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً). وقد ثبت في الصحيحين «إذا زنت أمة أحدكم ، فليجلدها الحد ولا يثرب عليها» أي ثم لا يعيرها بما صنعت بعد الحد الذي هو كفارة لما صنعت.
(إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) (١٨)
يقول سبحانه وتعالى : إنما يتقبل الله التوبة ممن عمل السوء بجهالة ثم يتوب ولو قبل معاينة الملك روحه قبل الغرغرة. قال مجاهد وغير واحد : كل من عصى الله خطأ أو عمدا ، فهو جاهل حتى ينزع عن الذنب ، وقال قتادة عن أبي العالية أنه كان يحدث أن أصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوسلم كانوا يقولون : كل ذنب أصابه عبد فهو جهالة ، رواه ابن جرير (١). وقال عبد الرزاق : أخبرنا معمر عن قتادة ، قال : اجتمع أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرأوا أن كل شيء عصي الله به ، فهو جهالة عمدا كان أو غيره. وقال ابن جريج : أخبرني عبد الله بن كثير عن مجاهد ، قال : كل عامل بمعصية الله فهو جاهل حين عملها قال ابن جريج : وقال لي عطاء بن أبي رباح ، نحوه. وقال أبو صالح عن ابن عباس : من جهالته عمل السوء ، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (٢) (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) قال : ما بينه وبين أن ينظر إلى ملك الموت. وقال الضحاك (٣) : ما كان دون الموت فهو قريب. وقال قتادة والسدي : ما دام في صحته ، وهو مروي عن ابن عباس. وقال الحسن البصري (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) ، ما لم يغرغر. وقال عكرمة : الدنيا كلها قريب.
ذكر الأحاديث في ذلك :
قال الإمام أحمد (٤) : حدثنا علي بن عياش ، وعصام بن خالد ، قالا : حدثنا ابن ثوبان عن
__________________
(١) تفسير الطبري ٣ / ٦٤٠.
(٢) تفسير الطبري ٣ / ٦٤٢.
(٣) تفسير الطبري ٣ / ٦٤٣.
(٤) مسند أحمد ٢ / ١٣٢.