ونارا ، فناره جنة وجنته نار ، فمن ابتلي بناره فليستغث بالله ، وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه بردا وسلاما ، كما كانت النار بردا وسلاما على إبراهيم ، وإن من فتنته أن يقول للأعرابي : أرأيت إن بعثت أمك وأباك ، أتشهد أني ربك؟ فيقول : نعم ، فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه ، فيقولان : يا بني اتبعه فإنه ربك ، وإن من فتنته أن يسلط على نفس واحدة فينشرها بالمنشار حتى تلقى شقين ، ثم يقول : انظر إلى عبدي هذا فإني أبعثه الآن ، ثم يزعم أن له ربا غيري ، فيبعثه الله فيقول له الخبيث : من ربك؟ فيقول : ربي الله ، وأنت عدو الله الدجال ، والله ما كنت بعد أشد بصيرة بك مني اليوم» قال أبو حسن الطنافسي : فحدثنا المحاربي ، حدثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ذلك الرجل أرفع أمتي درجة في الجنة» قال أبو سعيد : والله ما كنا نرى ذلك الرجل إلا عمر بن الخطاب ، حتى مضى لسبيله.
ثم قال المحاربي : رجعنا إلى حديث أبي رافع قال : وإن من فتنته أن يأمر السماء أن تمطر فتمطر ، فيأمر الأرض أن تنبت فتنبت ، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيكذبونه ، فلا تبقى لهم سائمة إلا هلكت ، وإن من فتنته أن يمر بالحي فيصدقونه فيأمر السماء أن تمطر فتمطر ، ويأمر الأرض أن تنبت فتنبت حتى تروح مواشيهم من يومهم ذلك أسمن ما كانت ، وأعظمه وأمده خواصر وأدره ضروعا ، وأنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه ، إلا مكة والمدينة ، فإنه لا يأتيهما من نقب من نقابهما إلا لقيته الملائكة بالسيوف صلتة حتى ينزل عند الظريب (١) الأحمر عند منقطع السبخة ، فترجف المدينة بأهلها ثلاث رجفات ، فلا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه ، فينفى الخبث منها كما ينفي الكير خبث الحديد ، ويدعى ذلك اليوم يوم الخلاص. فقالت أم شريك بنت أبي العكر : يا رسول الله ، فأين العرب يومئذ؟ قال : «هم قليل وجلهم يومئذ ببيت المقدس ، وإمامهم رجل صالح ، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح إذ نزل عيسى ابن مريم عليهالسلام ، فرجع ذلك الإمام يمشي القهقرى ليتقدم عيسى عليهالسلام ، فيضع عيسى يده بين كتفيه ثم يقول : تقدم فصل ، فإنها لك أقيمت ، فيصلي بهم إمامهم ، فإذا انصرف قال عيسى : افتحوا الباب ، فيفتح ، ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي كلهم ذو سيف محلى وساج ، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء وينطلق هاربا ، فيقول عيسى : إن لي فيك ضربة لم تسبقني بها ، فيدركه عند باب اللد الشرقي فيقتله ، ويهزم الله اليهود فلا يبقى شيء مما خلق الله تعالى يتوارى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء لا حجر ولا شجر ولا حائط ولا دابة ـ إلا الغرقدة (٢) ، فإنها من شجرهم لا تنطق ـ إلا قال : يا عبد الله المسلم ، هذا يهودي فتعال اقتله. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «وإن أيامه أربعون سنة
__________________
(١) الظريب : تصغير ظرب ، وهو الجبل الصغير.
(٢) الغرقدة : شجرة الشوك.