فجلسنا ، فقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «يكون للمسلمين ثلاثة أمصار : مصر بملتقى البحرين ، ومصر بالحيرة ، ومصر بالشام ، فيفزع الناس ثلاث فزعات ، فيخرج الدجال في أعراض الناس ، فيهزم من قبل المشرق ، فأول مصر يرده المصر الذي بملتقى البحرين ، فيصير أهلها ثلاث فرق : فرقة تقول نقيم (١) نشامه ننظر ما هو ، وفرقة تلحق بالأعراب ، وفرقة تلحق بالمصر الذي يليهم ، ومع الدجال سبعون ألفا عليهم السيجان (٢) ، وأكثر من معه اليهود والنساء ، وينحاز المسلمون إلى عقبة أفيق (٣) ، فيبعثون سرحا لهم ، فيصاب سرحهم فيشتد ذلك عليهم ، ويصيبهم مجاعة شديدة وجهد شديد حتى إن أحدهم ليحرق وتر قوسه فيأكله ، فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من السحر : يا أيها الناس أتاكم الغوث «ثلاثا» فيقول بعضهم لبعض : إن هذا لصوت رجل شبعان ، وينزل عيسى ابن مريم عليهالسلام عند صلاة الفجر ، فيقول له أميرهم : يا روح الله ، تقدم صل ، فيقول : هذه الأمة أمراء بعضهم على بعض ، فيتقدم أميرهم فيصلي ، حتى إذا قضى صلاته أخذ عيسى حربته ، فيذهب نحو الدجال ، فإذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الرصاص ، فيضع حربته بين ثندوته (٤) فيقتله ، ويهزم أصحابه ، فليس يومئذ شيء يواري منهم أحدا ، حتى إن الشجرة تقول : يا مؤمن هذا كافر ، ويقول الحجر : يا مؤمن هذا كافر» تفرد به أحمد من هذا الوجه.
حديث آخر : قال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة (٥) في سننه : حدثنا علي بن محمد ، حدثنا عبد الرحمن المحاربي عن إسماعيل بن رافع أبي رافع ، عن أبي زرعة الشيباني يحيى بن أبي عمرو ، عن أبي أمامة الباهلي ، قال : خطبنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فكان أكثر خطبته حديثا حدثناه عن الدجال وحذرناه ، فكان من قوله أن قال : «لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدمعليهالسلام أعظم من فتنة الدجال ، وإن الله لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال ، وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم ، وهو خارج فيكم لا محالة ، فإن يخرج وأنا بين ظهرانيكم ، فأنا حجيج كل مسلم ، وإن يخرج من بعدي فكل حجيج نفسه ، وإن الله خليفتي في كل مسلم ، وإنه يخرج من خلة بين الشام والعراق فيعيث يمينا ويعيث شمالا ، ألا يا عباد الله : أيها الناس فاثبتوا ، وإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه نبي قبلي : إنه يبدأ فيقول : أنا نبي فلا نبي بعدي ، ثم يثني فيقول : أنا ربكم ، ولا ترون ربكم حتى تموتوا ، وإنه أعور وإن ربكم عزوجل ليس بأعور ، وإنه مكتوب بين عينيه : كافر ، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب ، وإن من فتنته أن معه جنة
__________________
(١) في المسند : «فرقة تقول : نشامه» وشام الشيء : اختبره.
(٢) السيجان : جمع ساج ، وهو الطيلسان الأخضر.
(٣) أفيق : موضع في حوران.
(٤) الثندوة من الرجل كالثدي من المرأة.
(٥) سنن ابن ماجة (فتن باب ٣٣)