الصور فيها وانحفاظها عن التغير ، كما قال : (وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) وقال : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) ثم ينبعث ويتمثل منها في النفوس السماوية الجزئية التي هي قواها الخيالية نقوشا ومثالا جزئية مشخصة بهيئات وأشكال وأوضاع معينة مقارنة لأوقات معينة ، مثل ما يوجد في الخارج كما يتمثل في خيالنا الصور الجزئية وصغريات القياس مثلا ، ليحصل بانضمامها إلى تلك الكليات والكبريات رأيا جزئيا ينبعث عنه إرادة وقصد جازم إلى الفعل المعين ، فيجب عنه الفعل ، وذلك العالم هو لوح القدر ، أي مرآته ومظهره ، وهو خيال العالم ، والسماء الدنيا التي تنزل إليها الكائنات الجزئية أولا من غيب الغيوب ، ثم يظهر في عالم الشهادة على وجه يطابق لما فيها ، وتلك الصور والنقوش من قوى النفس الناطقة السماوية كالصور الخيالية من قوة الخيال لنفوسنا ، وكل منها كتاب مبين ، لقوله تعالى : (وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ، (وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) ، و (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها) وقوله : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُها ، وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَمُسْتَوْدَعَها ، كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) وحصول تلك الصور المعينة الموقتة بوقتها المعين في موادها الخارجية هو القدر الخارجي ، كما قال : (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) ولا شك أن وقوعها في الخارج عند حضور ذلك الزمان ضروري ولا مرد لحكمه ، ولا دافع لقضائه ، لأنها موجودة قبل وقوعها الخارجي في عالم آخر ، وذلك العالم هو عالم الملكوت العمالة بإذن الله ، أي المسخرة لأمره المطيعة لكلمته المدبرة لأمور العالم بتحريك المواد وإعدادها وتهيئة القوابل واستعداداتها ، وحامل القدر بما فيه هو عالم الملكوت ، كما أن لوح القضاء بما فيه هو عالم الجبروت.