(فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) ، والنار لها على الأفئدة اطلاع لا دخول لغلق ذلك الباب عليها ، فما ذكر الله من أبواب النار إلا السبعة التي يدخل منها الناس والجان ، وأما الباب المغلق الذي لا يدخل فيه أهل الكفر والاحتجاب ، فباطنه محل الإيمان والعبودية. وفي الحديث التراب لا يأكل محل الإيمان ، وما فيه ، سعيد في الدنيا والآخرة ليس للعذاب والشقاء فيه مدخل ، فهو كالجنة حفت بالمكاره ، وباطنه فيه الرحمة وظاهره فيه العذاب ، وهي النار (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ). وأما منازل جهنم ودركاتها وخوخاتها (١) فعلى قياس ما يذكر في الجنان ، وأما أسماء أبوابها السبعة فهي باعتبار الإضافة إلى منازلها ، باب جهنم ، وباب الجحيم ، وباب السعير ، وباب السقر ، وباب اللظى ، وباب الحطمة ، وباب السجين ، والباب الثامن المغلق الذي لا يفتح فهو الحجاب والسد ، وأما خوخات النار فهي شعب الكفر والفسوق ، وكذا خوخات الجنة هي شعب الإيمان والطاعة ، فمن عمل من خير فإنه يراه في الآخرة ، وأما الشر فقد يراه وقد يعفى عنه.
تنبيه
اعلم أن باطن الإنسان في الدنيا هو ظاهره في الآخرة ، وما كان لها غيبا هاهنا يصير شهادة هناك ، والحق أن إطلاق أبواب الجنان على هذه المشاعر من باب التوسع ليس على الحقيقة ، لأن باب الدار ما إذا فتح فتح إليها ، وبه يقع الدخول إليها بلا مهلة ، وما هي إلا الحواس المحشورة مع النفس الباقية معها ، فإن للنفس في ذاتها كما مر سمعا وبصرا وشما وذوقا ولمسا وتخيلا وتصرفا وفعلا وحركة ، وإن لها عينا باصرة (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) ، وأذنا سامعة يسمع بها كلمات الملائكة وأصوات طيور الجنان ونغماتها ، وشما يشم به روائح الأنس ونسائم القدس ، وذوقا يذوق به طعوم
__________________
(١) ـ الكوة ـ الباب الصغير في الباب الكبير.