(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٧٣)
____________________________________
* المحرم فإنها دار الموحدين وإظهار الاسم الجليل فى موضع الإضمار لتهويل الأمر وتربية المهابة (وَمَأْواهُ النَّارُ) فإنها هى المعدة للمشركين وهذا بيان لابتلائهم بالعقاب إثر بيان حرمانهم الثواب (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) أى مالهم من أحد ينصرهم بإنقاذهم من النار إما بطريق المغالبة أو بطريق الشفاعة والجمع لمراعاة المقابلة بالظالمين واللام إما للعهد والجمع باعتبار معنى من كما أن الإفراد فى الضمائر الثلاثة باعتبار لفظها وإما للجنس وهم داخلون فيه دخولا أوليا ووضعه على الأول موضع الضمير للتسجيل عليهم بأنهم ظلموا بالإشراك وعدلوا عن طريق الحق والجملة تذييل مقرر لما قبله وهو إما من تمام كلام عيسى عليهالسلام وإما وارد من جهته تعالى تأكيدا لمقالته عليهالسلام وتقريرا لمضمونها وقد قيل إنه من كلامه عزوجل على معنى أنهم ظلموا وعدلوا عن سبيل الحق فيما تقولوا على عيسى عليهالسلام فلذلك لم يساعدهم عليه ولم ينصر قولهم ورده وأنكره وإن كانوا معظمين له بذلك ورافعين من مقداره أو من قول عيسى عليهالسلام على معنى لا ينصركم أحد فيما تقولون ولا يساعدكم عليه لاستحالته وبعده عن المعقول وأنت خبير بأن التعبير عما حكى عنه عليهالسلام من مقابلته لقولهم الباطل بصريح الرد والإنكار والوعيد بحرمان الجنة ودخول النار بمجرد عدم مساعدته على ذلك ونفى نصرته له مع خلوه عن الفائدة تصوير للقوى بصورة الضعيف وتهوين للخطب فى مقام تهويله بل ربما يوهم ذلك بحسب الظاهر ما لا يليق بشأنه عليهالسلام من توهم المساعدة والنصرة لا سيما مع ملاحظة قوله وإن كانوا معظمين له الخ إلا أن يحمل الكلام على التهكم بهم وكذا الحال على تقدير كونه من تمام كلامه عليهالسلام فإن زجره عليهالسلام إياهم عن قولهم الفاسد بما ذكر من عدم الناصر والمساعد بعد زجره إياهم بما مر من الرد الأكيد والوعيد الشديد بمعزل من الإفادة والتأثير ولا سبيل ههنا إلا الاعتذار بالتهكم (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ) شروع فى بيان كفر طائفة أخرى منهم ومعنى قولهم ثالث ثلاثة ورابع أربعة ونحو ذلك أحد هذه الأعداد مطلقا لا الثالث والرابع خاصة ولذلك منع الجمهور أن ينصب ما بعده بأن يقال ثالث ثلاثة ورابع أربعة وإنما ينصبه إذا كان ما بعده دونه بمرتبة كما فى قولك عاشر تسعة وتاسع ثمانية قيل إنهم يقولون إن الإلهية مشتركة بين الله سبحانه وتعالى وعيسى ومريم وكل واحد من هؤلاء إله ويؤكده قوله تعالى للمسيح (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ) * فقوله تعالى (ثالِثُ ثَلاثَةٍ) أى أحد ثلاثة آلهة وهو المتبادر من ظاهر قوله تعالى (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ) أى والحال أنه ليس فى الوجود ذات واجب مستحق للعبادة من حيث إنه مبدأ جميع الموجودات إلا إله موصوف بالوحدانية متعال عن قبول الشركة ومن مزيدة للاستغراق وقيل إنهم يقولون الله جوهر واحد ثلاثة أقانيم أقنوم الأب وأقنوم الابن وأقنوم روح القدس وإنهم يريدون بالأول الذات وقيل