قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير أبي السّعود [ ج ٣ ]

291/312
*

(وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (١٧٤) وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ) (١٧٥)

____________________________________

وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون وليس المعنى أنه تعالى أخرج الكل من ظهره عليه الصلاة والسلام بالذات بل أخرج من ظهره عليه‌السلام أبناءه الصلبية ومن ظهرهم أبناءهم الصلبية وهكذا إلى آخر السلسلة لكن لما كان المظهر الأصلى ظهره عليه الصلاة والسلام وكان مساق الحديثين الشريفين بيان حال الفريقين إجمالا من غير أن يتعلق بذكر الوسايط غرض علمى نسب إخراج الكل إليه وأما الآية الكريمة فحيث كانت مسوقة للاحتجاج على الكفرة المعاصرين لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبيان عدم إفادة الاعتذار بإسناد الإشراك إلى آبائهم اقتضى الحال نسبة إخراج كل واحد منهم إلى ظهر أبيهم من غير تعرض لاخراج الأبناء الصلبية لآدم عليه‌السلام من ظهره قطعا وعدم بيان الميثاق فى حديث عمر رضى الله تعالى عنه ليس بيانا لعدمه ولا مستلزما له وأما ما قالوا من أن أخذ الميثاق لإسقاط عذر الغفلة حسبما ينطق به قوله تعالى (أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ) ومعلوم أنه غير دافع لغفلتهم فى دار التكليف إذ لا فرد من أفراد البشر يذكر ذلك فمردود لكن لا بما قيل من أن الله عزوجل قد أوضح الدلائل على وحدانيته وصدق رسله فيما أخبروا به فمن أنكره كان معاندا ناقضا للعهد ولزمته الحجة ونسيانهم وعدم حفظهم لا يسقط الاحتجاج بعد إخبار المخبر الصادق بل بأن قوله تعالى (أَنْ تَقُولُوا) الخ ليس مفعولا له لقوله تعالى (وَأَشْهَدَهُمْ) وما يتفرع عليه من قولهم بلى شهدنا حتى بحب كون ذلك الإشهاد والشهادة محفوظا لهم فى إلزامهم بل لفعل مضمر ينسحب عليه الكلام والمعنى فعلنا ما فعلنا من الأمر بذكر الميثاق وبيانه كراهة أن تقولوا أو لئلا تقولوا أيها الكفرة يوم القيامة إنا كنا غافلين عن ذلك الميثاق لم ننبه عليه فى دار التكليف وإلا لعملنا بموجبه هذا على قراءة الجمهور وأما على القراءة بالياء فهو مفعول له لنفس الأمر المضمر العامل فى إذ أخذ والمعنى اذكر لهم الميثاق المأخوذ منهم فيما مضى لئلا يعتذروا يوم القيامة بالغفلة عنه أو بتقليد الآباء هذا على تقدير كون قوله تعالى (شَهِدْنا) من كلام الذرية وهو الظاهر فأما على تقدير كونه من كلامه تعالى فهو العامل فى أن تقولوا ولا محذور أصلا إذ المعنى شهدنا قولكم هذا لئلا تقولوا يوم القيامة الخ لأنا نردكم ونكذبكم حينئذ (وَكَذلِكَ) إشارة إلى مصدر الفعل المذكور بعده وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو شأن المشار إليه وبعد منزلته والكاف مقحمة مؤكدة لما أفاده اسم الإشارة من الفخامة والتقديم على الفعل لإفادة القصر ومحله النصب على المصدرية أى ذلك التفصيل البليغ المستتبع للمنافع الجليلة (نُفَصِّلُ الْآياتِ) * المذكورة لا غير ذلك (وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) وليرجعوا عما هم عليه من الإصرار على الباطل وتقليد الآباء* نفعل التفصيل المذكور قالوا وإن ابتدائيتان ويجوز أن تكون الثانية عاطفة على مقدر مترتب على التفصيل أى وكذلك نفصل الآيات ليقفوا على ما فيها من المرغبات والزواجر وليرجعوا الخ (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ) عطف