(قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٠) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) (٤١)
____________________________________
* التى هى منه (صُمٌّ) لا يسمعونها سمع تدبر وفهم فلذلك يسمونها أساطير الأولين ولا يعدونها من* الآيات ويقترحون غيرها (وَبُكْمٌ) لا يقدرون على أن ينطقوا بالحق ولذلك لا يستجيبون دعوتك بها* وقوله تعالى (فِي الظُّلُماتِ) أى فى ظلمات الكفر أو ظلمات الجهل والعناد والتقليد إما خبر ثان للمبتدأ على أنه عبارة عن العمى كما فى قوله تعالى (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) وإما متعلق بمحذوف وقع حالا من المستكن فى الخبر كأنه قيل ضالون كائنين فى الظلمات أو صفة لبكم أى بكم كائنون فى الظلمات والمراد به بيان كمال عراقتهم فى الجهل وسوء الحال فإن الأصم الأبكم إذا كان بصيرا ربما يفهم شيئا بإشارة غيره وإن لم يفهمه بعبارته وكذا يشعر غيره بما فى ضميره بالإشارة وإن كان معزولا عن العبارة وأما إذا كان مع ذلك أعمى أو كان فى* الظلمات فينسد عليه باب الفهم والتفهيم بالكلية وقوله تعالى (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ) تحقيق للحق وتقرير لما سبق من حالهم ببيان أنهم من أهل الطبع لا يتأتى منهم الإيمان أصلا فمن مبتدأ خبره ما بعد ومفعول المشيئة محذوف على القاعدة المستمرة من وقوعها شرطا وكون مفعولها مضمون الجزاء وانتفاء الغرابة فى تعلقها به أى من يشأ الله إضلاله أى أن يخلق فيه الضلال يضلله أى يخلقه فيه لكن لا ابتداء بطريق الجبر من غير* أن يكون له دخل ما فى ذلك بل عند صرف اختياره إلى كسبه وتحصيله وقس عليه قوله تعالى (وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) لا يضل من ذهب إليه ولا يزل من ثبت قدمه عليه (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ) أمر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم بأن يبكتهم ويلقمهم الحجر بما لا سبيل لهم إلى النكير والكاف حرف جىء به لتأكيد الخطاب لا محل له من الإعراب ومبنى التركيب وإن كان على الاستخبار عن الرؤية قلبية كانت أو بصرية* لكن المراد به الاستخبار عن متعلقها أى أخبرونى (إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ) حسبما أتى الأمم السابقة من* أنواع العذاب الدنيوى (أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ) التى لا محيص عنها البتة (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) هذا مناط* الاستخبار ومحط التبكيت وقوله تعالى (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) متعلق ب (أَرَأَيْتَكُمْ) مؤكد للتبكيت كاشف عن كذبهم وجواب الشرط محذوف ثقة بدلالة المذكور عليه أى إن كنتم صادقين فى أن أصنامكم آلهة كما أنها دعواكم المعروفة أو إن كنتم قوما صادقين فأخبرونى أغير الله تدعون إن أتاكم عذاب الله الخ فإن صدقهم بأى معنى كان من موجبات إخبارهم بدعائهم غيره سبحانه وأما جعل الجواب ما يدل عليه قوله تعالى (أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ) أعنى فادعوه على أن الضمير لغير الله فمخل بجزالة النظم الكريم كيف لا والمطلوب منهم إنما هو الإخبار بدعائهم غيره تعالى عند إتيان ما يتأتى لا نفس دعائهم إياه وقوله تعالى (بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ) عطف على جملة منفية ينبىء عنها الجملة التى تعلق بها الاستخبار إنباء جليا كأنه قيل لا غيره تعالى* تدعون بل إياه تدعون وقوله تعالى (فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ) أى إلى كشفه عطف على تدعون أى* فيكشفه إثر دعائكم وقوله تعالى (إِنْ شاءَ) أى إن شاء كشفه لبيان أن قبول دعائهم غير مطرد بل هو تابع