فقال عمرو بن عبيد : ما أرى أن نبايع ، ولا نقوم إلّا مع من اختبرناه ، وعرفنا سيرته.
فقال له واصل : والله لو لم يكن في محمد بن عبد الله أمر يدل على فضله إلّا أنّ أباه عبد الله بن الحسن ، في سنه ، وفضله ، وموضعه قد رآه لهذا الأمر أهلا ، وقدّمه فيه على نفسه ـ لكان ذلك يستحق ما نراه له ، فكيف بحال محمد في نفسه وفضله؟.
قال يحيى : وسمعت أبا عبيد الله بن حمزة يحدث ، قال :
خرج جماعة من أهل البصرة من المعتزلة منهم واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وغيرهما حتى أتوا سويقة ، فسألوا عبد الله بن الحسن أن يخرج لهم ابنه محمدا حتى يكلموه ، فطلب لهم عبد الله فسطاطا ، واجتمع هو ومن شاوره من ثقاته أن يخرج إليهم إبراهيم بن عبد الله. فأخرج إليهم إبراهيم ، وعليه ريطتان ، ومعه عكازة ، حتى أوقفه عليهم ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر محمد بن عبد الله وحاله ، ودعاهم إلى بيعته ، وعذرهم في التأخر عنه فقالوا (١): اللهم إنا نرضى برجل هذا رسوله فبايعوه وانصرفوا إلى البصرة (٢).
* * *
حدثني علي بن العباس ، قال : حدثنا بكار بن أحمد ، قال حدثنا الحسن بن الحسين ، قال حدثني الحسن بن حماد ، قال :
كان أبو خالد الواسطي ، والقاسم بن مسلم السلمي مع محمد بن عبد الله بن الحسن وكانا من أصحاب زيد بن علي ، صلوات الله عليه.
قال القاسم بن مسلم لمحمد بن عبد الله بن الحسن : يا أبا عبد الله ، إن الناس يقولون : إن صاحبكم محمدا ليس له ذلك الفقه. قال فتناول سوطه من الأرض ثم قال : يا قاسم بن مسلم ، ما يسرّني أن الأمة اجتمعت عليّ كمعلاق سوطي هذا وأني سئلت عن باب الحلال أو الحرام ولم يكن عندي مخرج منه ، يا قاسم بن مسلم ، إن أضل الناس بل أظلم الناس ، بل أكفر الناس من ادعى
__________________
(١) في ط وق «فقال».
(٢) كتاب نشوان الحميري ٧٠.