بسم الله الرحمن الرحم
مقدمة
في سنة أربع وثمانين ومائتين ولد بمدينة أصفهان علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان بن عبد الله بن مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف ، القرشي الأموي. ونشأ ببغداد وأخذ العلم عن أعلامها ، وكانت بغداد إذ ذاك قرارة العلم والعلماء ، ومثابة الأدب والأدباء ومهوى أفئدة الذين يرغبون في الإلمام بالثقافة ، أو يودون التخصص في فروعها.
وقد أخذ علي بن الحسين نفسه بالجد في طلب العلم ، وأفرغ له باله ، وأخلص فكره ، فنبغ وتفوّق ، وكان له من توقد ذكائه ، والتهاب خاطره ، وسرعة حفظه ، وشغفه بالمعرفة ما مكن له من ناصية التفوق وذلّل له من شماس النبوغ ، وجعله ينهض بتأليف كتاب الأغاني العظيم ولما يبلغ الثلاثين من عمره ، فإذا ما بلغها أو جاوزها بعام أو ببعض عام ألّف كتابه الخالد «مقاتل الطالبيين». وليس ذلك بغريب على أديب مجدّ موهوب قد ملئ طموحا إلى المراتب العالية ، وهام وجدا بالعز الرفيع.
وقد قدّر له أن يعرف شابا من لداته يهيم بالمجد مثله ، ويبتغي إليه الوسيلة بالقوة في العلم والأدب ، وهو الحسن بن محمد المهلبي ، وتظهرهما المعرفة على ما بينهما من التمازج النفسي ، والالتقاء الكثير في الإرادات والاختيارات والشهوات ، فتتوثق بينهما صداقة عقلية ، ومؤاخاة روحية ، وتظل قوية العرى ، مستحصدة العلائق على كر الغداة ومرّ العشى.