والأعصاب والأعضاء والأجهزة ، إنشاء الخلق الآخر / اكتمال العملية الخلقية وتكاملها.
وما أروع وأعظم وأسمى الآيات الإعجازية التي وردت أيضا ، وفي نفس السياق ، في سورة السجدة : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ (٧) ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٨) ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً ما تَشْكُرُونَ) (٩) صدق الله العلي العظيم ، [الآيات : ٧ ـ ٨ ـ ٩].
وإذا تأملنا مليّا بالآية رقم ٩ ، لوجدنا فيها انطباقا وانسجاما وتناغما عجيبا مع الجدول الزمني الوارد سابقا ، إذ نلحظ أن السمع سبق الأبصار في الآية ، والأبصار سبقت الأفئدة فيها ، وهكذا أيضا نلحظ أن الجهاز الأولي للسمع تبدأ انطلاقته في اليوم الثامن عشر ، بينما تبدأ انطلاقة الجهاز البصري في اليوم الثامن والعشرين ، أي قبل اكتمال نمو القلب والدماغ (إذا كانت الأفئدة تحتمل المعنيين).
وما أجمل الكلمات التي أرسلها أمير المؤمنين علي عليهالسلام في إحدى خطبه ، حينما قال مستوحيا الآيات الإعجازية السابقة :
«أيها المخلوق السويّ المنشأ ، المرعيّ في ظلمات الأرحام ، ومضاعفات الأستار ، بدئت من سلالة من طين ، ووضعت في قرار مكين إلى قدر معلوم ، تمور في بطن أمّك جنينا لا تحير دعاء ، ولا تسمع نداء ، ثم أخرجك من مقرك إلى دار لم تشهدها ، ولم تعرف سبل منافعها ، فمن هداك لاجترار الغذاء من ثدي أمّك ، وعرّفك عند الحاجة مواضع طلبك وإرادتك؟».