ـ ما هو المستقبل المحتمل والمتوقع لهكذا تطور ، وإلى أين يمضي ركب الأبحاث والتجارب؟
ـ هل لهذه الأبحاث نهاية ما أو مرحلة نهائية ، وما الذي يضمن عدم حصول الكارثة قبل استكمالها؟
على كل حال وفي نهاية النفق المخيف نجد أن التاريخ الإنساني بمراحله المتعددة كشف لنا أنه لا يمكن لحضارة ما مهما كانت عظيمة وقوية أن تستمر وتدوم معتمدة على قواها الحضارية والثقافية والعلمية فقط ، كما عرفنا أنه لا يمكن لمعرفة ما أن تتكشف وتبلغ مداها وأهدافها إلا إذا اقترنت بالخير والضمير الحقيقي والسعي إلى الكمال والتكامل. فلا يمكن لحضارة أن تعيش فقط على فتات معارفها وتطور علومها كما لا يمكن لها أن تنمو فقط على أجوائها الروحانية الداخلية من دون سعي حثيث للمعرفة والعلم وسبر أغوار الحقيقة.
هكذا نرى أن العلم والحقيقة المعرفية لن يحققا أهدافهما إلا إذا اقترنا بالحق الصادر عن علة العلل ومسبّب الأسباب ، كما أنه لا يمكن أن يكون للعلم والتقدم العلمي ضابط ومراقب ومحاسب غير الإيمان الحقيقي المبني على أسس القيم والأخلاق وحب الخير ومحبة الآخرين ، والضمير الحي والسعي إلى الكمال المطلق. ولا يمكن للمعايير البشرية الوضعية أن تتصدى لهكذا مسئولية لما ينقصها من رادع ملزم وضمير كامل وأمر بالخير والمعروف والجميل ، ونهي عن المنكر والشر والقبيح لما يشوبها من إخفاء لحقيقة الكون وسر خلقه ومعرفة خالقه. ولهذا كله فالأمور جلية جلاء الشمس ؛ والخلاصة أنه إذا ظلّت المادية غير الإيمانية وعقلية العلم من أجل العلم والمغامرات العلمية المتسمة بالفوضى متحكمة بالأمور البشرية